إلى فرنسا
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
شاءت الصُدف أن أجلس بجوار سيدة فرنسية في السبعينات من عمرها على متن خطوط الطيران العماني المتّجه للعاصمة الفرنسية باريس، وأن أتبادل الحديث معها عن بلدي الحبيب عمان، قالت أنا أعرف عمان أكثر منك، فتبسمتُ على أساس أنّها تبالغ في الحديث معي. قالت: زرتُ أكثر من ٩٠ دولة حول العالم، وكانت أول زيارة لي لبلدكم عمان في العام ٢٠٠٤، وما زلت أزورها حتى اليوم، وافتخر بأنّي فرنسية الأصل، ولكنّي أحبّ عمان أكثر من أيّ دولة زرتها في حياتي.
ثمّ استرسلت في كلامها وقالت: عمان بلد جميل، وفيه الكثير من المقومات السياحية، طبيعة خلاّبة بشكل رائع، تطوّر في جميع المجالات مقارنة بما كانت عليه سابقاً، تحافظون على هويتكم الوطنية، وذكرت العديد من الأماكن الجميلة التي زارتها، وأجزم بأنّها زارت أغلب محافظات عمان، ثم قالت: ربّما هذه الأشياء، والمقومات التي ذكرتها قد تجدها في دول أخرى على هذا الكوكب؛ ولكن هناك أشياء لا تجدها عند شعوب العالم الآخر؛ أنتم تتسمون بطيبة غير طبيعية، تستقبلون الضيوف بصورة لم نعتدها في حياتنا، بلد فيه من الأمان ما لا يوصف، تتعاملون مع بعضكم ومع الآخرين بودٍ وحُب وتقدير واحترام، تحبّون قائدكم بصورة كبيرة، تساعدون الآخرين وإن كنتم لا تعرفونهم، صفات وتصرفات لم أشاهدها في كل شعوب الدول التي زرتها.
وبعد نقاش رائع معها قامت بطرح مجموعة من الأسئلة منها:
ما الذي يجعلكم تتصفون بهذه الصفات؟
من غرس فيكم كل هذا؟
هل هناك سبب وراء هذا؟
وبعد مجموعة من الإجابات والمناقشات بيني وبينها، قالت اسمع: كل هذا الذي أنتم فيه يرجع للسلطان قابوس -طيب الله ثراه- جميع هذه الأشياء من تطور وقيم وأخلاق، وبشاشة وجه …إلخ لم تأتِ عبثاً ومن فراغ؛ بل إنّها سنوات طويلة من العمل والجهد، فما خلّفه لكم السلطان الراحل دليل على أنّه ربّى شعباً بأكمله على صفات وأخلاق راقية، وطوّر البلد من جميع النواحي؛ لذلك أصبحت هذه الصفات ماركة مسجلة بإسمكم، حبكم للوطن والسلطان أصبح فطرة لديكم، حبكم لبعضكم البعض فريد من نوعه، ولعلمك هذا رأي الكثير من الناس عنكم، ومن مختلف الجنسيات، فأنا لست أجاملك، بل هي الحقيقة التي يعرفها الجميع عنكم.
مضى الوقت سريعاً دون أن أشعر به حتّى رأينا أضواء العاصمة الفرنسية من الطائرة، كنت فخوراً جدًا بكل ما سمعته من هذه السيدة؛ لذلك يجب علينا أن نحافظ على هذا الإرث العظيم، وأن نحافظ على مكنونات وثروات هذا البلد، وأن نربي أبناءنا على أنّ عمان بلدٌ عظيم ليس كمثله بلد، والشعب العماني شعب أصيل مترسخة فيه القيم والأخلاق النبيلة، وخالص الدعاء لباني عمان سلطانها الراحل قابوس بن سعيد الذي كان له الأثر والدور العظيم في الذي نحن فيه، ونسأل الله أن يبارك في السلطان هيثم وينعم عليه بالصحة والعافية، وأن يحفظه ويحفظ سلطنة عمان، ومن يعيش على أرضها.