ضعف الدافعية للتعلم
أبرار ناصر الحضرمية
إن إدراك الأهمية الكبرى للتعلم، والفهم الواعي لدوافعه ودواعيه، مع الحرص على استخدام الوسائل المتعددة وإحاطة عملية التعلم بالاستجابات المرغوبة والمحببة لدى الطلبة سيحقق بدون أدنى شكّ الأهداف المرجوة والنتائج الطموحة من هذه العملية.
ولعلّ من أكبر المشكلات التي يعاني منها أولياء الأمور والعاملين بالحقل التربوي في الآونة الأخيرة هو قلة الدافعية للتعلم والذي يتمثل في عدة مظاهر: كانعدام الحماس أو حتى قلته تجاه الأعمال المدرسية، وعدم مشاركة الطلاب أثناء شرح الدرس وعدم انتباههم وانشغالهم بالأحاديث الجانبية عن نطاق الدرس وغير ذلك من المظاهر والملاحظات والمواقف التي تعكس وجود ضعف دافعية التعلم لديهم، وهذا ما تسبّب في وجود حالة من الخوف والقلق لدى الأسرة والمعلم، إلا أن علينا أن ندرك أنها حالة عامة تنتج بسبب عوامل عدة، وبرزت بشكل واضح في مدارس السلطنة مؤخراً من جرّاء جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وأثّرت على نمط التعليم، إضافة إلى الأحداث والظروف التي مرّت على السلطنة، ناهيك عن الأفكار الخاطئة لدى الطلبة عن أهمية التعلم وانعدام الجوّ التعليمي المناسب لنفسية الطالب، وضعف دور الأسرة في رفع مستوى الدافعية وتعزيز الترابط والتواصل مع المدرسة، ورغبة المعلم في استعجال النتيجة دون المرور بعملية التعلم التي تدفع بالطالب للبحث والاستقصاء والاستنتاج.
ونستطيع القول بأن الدافعية هي عبارة عن طاقة خفیة لا تُرى ولكن یُستدلّ علیها من خلال أفعال الطالب وتوجهات سلوكه نحو أهدافه وغاياته من أجل تحقيق التكيّف مع بيئته الخارجية، وهي الأساس الذي من خلاله يخلق نوع من الانتباه للموقف التعليمي مما يدفع المتعلم للتفاعل معه في نشاط دائم ومستمر حتى يحقق العلم، فالدافعية للتعلم هي دافعية ديناميكية قائمة على إدراك الطالب لدوافعه من خلال إدراكه لذاته ولمحيطه الخارجي.
وفي كثير من الأحيان يطرح الطالب تساؤلاً على زملائه أو على معلمه أو حتى على نفسه في ساعة من ساعات التأمل: لماذا التعلم؟ هذا التساؤل كفيل في أن ينبه المعلم أو الأسرة في أن الطالب لديه فقدان للرغبة للتعلم أو أنه يبحث عن دوافعه والذي يُعتبر أمراً استثنائياً جاء من منطلق فقدانه للهدف بسبب عوامل عدة، وهذا يدفعنا جميعاً إلى أن نسعى لالتماس الدوافع والدواعي التي تربط الطالب بالتعلم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن نسعى لمساعدته على إدراك ذاته ودوافعه التي تكفي لإقناعه بحاجته إلى التعلم.
ولأن الدافعية من وجهة النظر التربوية من الأهداف الهامة التي تسعى المؤسسات التعليمية إلى تحقيقها كان لزاماً على الجميع أن يسعى لاستخدام أنجع الأساليب والوسائل المؤثرة في رفعها، فرسالتنا لكل طالب:
أنت تتعلم لتنمو ولترتقي ولتستقر ولتطمئن، وتتعلم من أجل أن تكتمل إنسانيتك ولتسمو وتتماسك وتتعاون مع الغير ولتحيا حياةً إنسانية كريمة ولتبلغ أهدافك وغاياتك والتي عليك أن تخطط لها.
ورسالتنا لكل مُربٍ:
أحسنوا رعاية بذوركم التي ستثمر لكم غداً، وعليكم أن تدركوا أن العلاقة الأسرية هي الأساس التي من خلالها تزداد الدافعية لدى أبنائكم. فالأدوار الحقيقية للتنشئة الأسرية والاجتماعية هي التي تصنع الأولويات لدى المتعلم وهي التي باستطاعتها جعل التعلم من الدوافع التي يسعى الابن إلى تحقيقها حيث تُعتبر الدافعية للتعلم من ضمن الدوافع الثانوية والمكتسبة التي تنمو من خلال الحياة الأسرية.
أما رسالتنا لكل معلم ولكل عضو فعال في المجال التربوي:
عليك أولاً أن تمتلك الدافعية العالية للتعليم فالمعلم الذي يفتقد هذه الدافعية لا يستطيع بثّ الدافعية للتعلم في نفوس متعلميه، كما يجب أن تسعى لاستخدام الوسائل المبتكرة لتعزيز الدافعية للتعلم لدى الطلبة وأن تركز على خلق بيئة تعليمية مدهشة تثير حبّ التعلم والاستقصاء لدى المتعلمين، واعلم أن المعلم المتحاور والمتفهم والذي يعمل على تكوين علاقة يسودها الاحترام بينه وبين المتعلم أفضل من التسلط أو الإهمال وأدعى لتنمية الدافعية وتطويرها.