2024
Adsense
مقالات صحفية

الضيافة والسياحة ١:

محمد علي البدوي

يُعرِّف البعض الضيافة بأنها فعل اللطف في الترحيب والاهتمام بالاحتياجات الأساسية للعملاء أو الغرباء، وخاصة فيما يتعلق بالطعام والشراب والإقامة.

بينما يُشير التعريف الحديث للضيافة إلى عملية العلاقة بين العميل والمضيف، وهنا تجدر الإشارة إلى الشركات والمنظمات والمؤسسات والهيئات التي تُقدِّم الطعام أو الشراب، أو الإقامة للأشخاص خارج منازلهم.

ولابد لنا أن نتفهم أن العمل في مجال الضيافة يمثل تحدياً كبيراً. فالضيافة تختلف عن بقية القطاعات الأخرى، فهي فريدة من نوعها بسبب طبيعتها الخاصة والتي تميل إلى أن تكون موجهة نحو الخدمة، ولها تركيز قوي على التفاعل البشري والتبادل في عمليات تقديم الخدمة.

وفي الواقع لا يوجد تعريف واحد مبسط لشرح معنى الضيافة. لقد حاول البعض تلخيص نطاق صناعة الضيافة وخصائصها المتمثلة في إشراك كلاً من السمات الملموسة وغير الملموسة في عملية تقديم الخدمة، وحاول آخرون وصف الصناعة من خلال استكشاف أصحاب المصلحة المعنيين والمنافع المتبادلة المتولدة وتأثيرات الصناعة على المجتمع والاقتصاد.

ولابد لمن يتصدى للحديث عن صناعة الضيافة أن يعي أنها ليست مجرد خدمة يحصل عليها العملاء، بل مزيج من الخدمات يُقدِّمه العنصر البشري لعنصر بشري آخر في عملية تبادل مصلحة واضحة، هدفها إرضاء الضيف للحصول على انتمائه في نهاية الأمر.
وتُعنَّى صناعة الضيافة بالخدمات غير الملموسة نفس العناية التي توليها للخدمات الملموسة.

فعلى سبيل المثال، أنت تدفع في مطعم ما ثمن شريحة لحم تم تناولها، ولكنك لا تُدرك أنك في واقع الأمر تدفع لخدمات أخرى لم تلاحظها. عليه فمن السهل أن يقوم المنافسون بتقليد المنتج المقدم لك وإضافة بعد المزايا الأخرى مثل تقديم أطباق السلطة المجانية أو أطباق البطاطس المحمَّرة مجاناً، ولكنهم لن يستطيعوا تقليد الابتسامة التي تقابلك عند دخولك المكان أو الألفة التي تشعر بها بمجرد وصولك إلى المطعم الذي تحبه.

هذه الخدمات غير الملموسة هي جوهر عملية الضيافة ولولاها لما كان للمنافسة معنىً؛ لذلك فصفات الموظفين الإيجابية من(ود،ودفء، وحميمية) والطريقة التي يقدمون بها الخدمة من الأشياء التي لابد من توفرها في أماكن تقديم خدمة الضيافة، وقد تكون بالنسبة لكثير من العملاء الأساس في اختيار المكان الذي سينفقون فيه أموالهم.

ومن أجل تحقيق التميز في الخدمة في صناعة الضيافة يعد الاتصال ثنائي الاتجاه أحد العوامل الحاسمة التي تتطلب مشاركة بين كلٍّ من العملاء وموظفي الخدمة. فمن خلال التفاعل مع العملاء يمكن لمقدم الخدمة أن يتلقى رسائل مهمة(مباشرة وغير مباشرة) حول احتياجات العملاء وتوقعاتهم.

أما عن التفاعلات بين الإدارات الداخلية والمشتركة فتعد أمراً بالغ الأهمية؛ لأن عملية تبادل الخبرات بين الموظفين تصب في صالح العميل.
في الغالب تعتمد صناعة الضيافة على تكرار العملاء من أجل الاستمرار والبقاء، ويمكن أن تفيد العلاقات طويلة الأمد بين الموظفين والعملاء إلى تحقيق مزيداً من الأرباح بغض النظر عن الموسم أو التدفق السياحي، كما أن الكلام الشفوي بين الموظفين والعملاء يفيد في تطوير سمعة العلامة التجارية لمقدم الخدمة.

ولتطوير العلامة التجارية تقوم المؤسسات بعدة خطوات منها تفعيل برامج العضوية التي تمنح مزايا عديدة للعملاء، وتقدم لهم مزيجاً من الحوافز غير التقليدية، ويعتقد بعض الخبراء أن توجيه درجة عالية من الاهتمام الشخصي بالعميل يمكن أن يزيد من ولاء العميل وكسب ثقته على المدى الطويل.

ويظل الحديث عن صناعة الضيافة مرتبطاً بالاستعداد لتقديم أعلى درجة من الحرفية والجهد لنيل رضا العملاء وكسب مودتهم، خاصة أن صناعة الضيافة صناعة تنافسية من الدرجة الأولى. ونظراً لأن السياحة والضيافة مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً فليس من المستغرب أن نرى تواصلاً فعالاً بين كلا الصناعتين واعتماد كليهما على الأخرى.

ولابد من التأكيد على أن صناعة الضيافة تعتمد بشكل رئيس على التفاعل المباشر بين العناصر الأساسية للصناعة(مقدم الخدمة والضيف)، ودائماً ما يتفاعل الموظفون الذين يعملون في مؤسسات الضيافة مع أنماط مختلفة من العملاء، فاختلاف الثقافات والديانات فرصة جيدة لاختبار مدى نجاح مؤسسات الضيافة المختلفة في تقديم خدمة مميزة، وتقدم صناعة الضيافة نموذجاً لكيفية التعامل مع الآخر بغض النظر عن لونه أو ديانته أو لغته.

هذا التنوع في الثقافات قد يكون بين الموظفين أنفسهم خاصة داخل المؤسسات الكبيرة، ولكن يجب الحذر حيث أن التقصير في تقديم الخدمة بالشكل الأمثل يعني فقدان دائم للعميل خاصة إذا كان الخطأ ناتج عن تقصير في الخدمات غير الملموسة.

مثال: يمكن أن يتغاضى العميل عن تقصير في المنتج المباشر، كأن يكون الطعام غير مطهو جيداً، ولكنه لن يتغاضى عن التجهم في وجهه أو مجادلته في مسألة ما، وهذا يؤكد ما نشير إليه من ضرورة أن يكون مقدم الخدمة على وعي ومعرفة جيدة بالثقافات الأخرى، بل وتقبلها واحترامها والتعامل معها.

وقد يكون مقدم الخدمة أوروبي المنشأ ويتعامل بصفة مستمرة مع عملاء من العالم الإسلامي؛ لذا وجب عليه وعلى المؤسسة التي ينتمي إليها عدم تقديم لحوم الخنازير أو الكحوليات للعملاء، احتراماً لعقيدة العميل.

صناعة الفارق هو العلامة المميزة لصناعة الضيافة، والحرص على تقديم منتج متكامل ليس بالأمر السهل في ظل وجود منافسة شرسة، فالكل يحاول كسب ثقة العميل ولكن المجهودات تختلف من مؤسسة لأخرى، فالنجاح يتوقف على عدة عوامل، منها التدريب المستمر والمكثف للعمال بحيث يصبح العامل على أعلى درجة من الاحترافية.

ومن الجدير بالذكر أن الضيافة تعتبر صناعة ثقيلة حيث تتطلب قدراً كبيراً من العمالة، ورغم إسهام التقدم التكنولوجي في جميع مناحي الحياة إلا أن العملاء يتوقعون دوماً اتصالاً مباشراً مع مقدم الخدمة للحصول على تجربة مميزة لا تنسى.

وهناك نوعان من العملاء العميل الزائر، والعميل المتكرر، والأخير هو هدف معظم مؤسسات الضيافة؛ لذلك تسعى جاهدة بكل السبل لإنشاء علاقة شخصية مع هذا العميل عن طريق ترك ذكريات طيبة لديه.
للحديث بقية
حفظ الله شعوبنا العربية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights