2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

أكثر من عشرة ملايين ريالا في أقل من ساعة

أحمد بن سليم الحراصي

من كان ليظن أن حدثاً مدوياً كهذا حصل معنا هنا في السلطنة، إنها صدمة القرن، لم تكن صدمة من وحي الخيال أو تلك التي نشاهدها في الأفلام بل هي الحقيقة مثلما تراها وهي الواقعة التي فجرتها البنوك الربوية في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل في اليوم الأول من شهر نوفمبر المجيد والغالي على الشعب لما فيه من تجدد الوفاء للشعب العماني لمؤسس النهضة المباركة السلطان قابوس -طيَّب الله ثراه-، فقد قامت هذه البنوك الربوية بخصم 500 بيسة من أغلب زبائنها دون سابق إشعار، فما الذي حدث؟

في أقل من نصف ساعة عبَّر الكثير من الناس عن استيائهم لهذا التصرف غير المسبوق من هذه البنوك، كان الجميع يظن أن بنك مسقط هو الوحيد الذي قام بهذا الفعل الرخيص مما أثار حفيظة الكثير من الناس لهذا البنك ومطالبتهم بتوضيح رسمي من البنك فيما فعله وعن الرسالة التي وصلت للكثير، فبرر البنك في حسابه المسؤول عن خدمة الزبائن في رسالة مفادها بأنه يتم فرض ضريبة (500 بيسة + 25 بيسة ضريبة القيمة المضافة 5%) شهرياً في حال أن الرصيد أقل من 100 ريال من حساب التوفير خلال الشهر وفي حال أن الرصيد أقل من 200 ريال من الحساب الجاري خلال الشهر.
بالطبع هذه معلومة سبق أن عرفناها ولكن الأمر هنا اختلف، فهناك العديد من الناس تم خصم 500 بيسة منهم وحسابهم تجاوز الحد الأدنى من المعلومة المذكورة خلال شهر أكتوبر بأكمله، فأين تبرير البنك في هذا؟ ثم إن أحدهم أخبرني أنه يملك حساباً في البنك الوطني وحساباً آخر في بنك مسقط فأُخذ منه ريالاً، فلماذا لا يُستثنى ويؤخذ منه 500 بيسة من كِلا الحسابين ليتقاسما ب250 بيسة لكلّ منهما كونه مواطناً يملك حسابين؟
وأحدهم قال لي بأنه تم خصم ريالين من حسابه التجاري، فهل صاحب الحساب التجاري يختلف عن الغير؟ وهناك بنك صحار أيضاً سرى مع أصحابه فهو لا يختلف عنهما في شيء، فهل من المعقول بأن هذه الضريبة تؤخذ من الكثير من الناس دون أن يكون هناك إشعاراً يسبق هذا الفعل؟ هل هذا ما اعتدناه؟ وهل البنك المركزي له يد في فرض هذه الضرائب التي لم تنصف لا فقيراً ولا غنياً؟
تساؤلات لم يستطع إجابتها بنك مسقط عندما وُجِّه له هذا الكمّ من الأسئلة؛ لأن تبريراته كانت في غير محلها وقد أثبت الجميع بطلانها.

من هذه ال 500 بيسة والريال والريالين تستطيع البنوك وأكاد أكون صادقا أنها حصلت على العشرة ملايين، خاصةً وأن البعض يملك الكثير من الحسابات في بنوك مختلفة، فنحن لا نحسب هنا ال500 بيسة ضمن الشخص الواحد ولكن نعرف أن قيمة ال 500 بيسة ضمن المليون شخصاً تساوي نصف مليون ريال، فما بالك بعدد سكان السلطنة؟ خاصة وأن البعض يملك أكثر من حساب؟
إذاً يمكننا أن نقول أنها حققت أرباحاً لا يمكن توقعها وأن هذا الرقم قد يحتمل الصواب والخطأ في آنٍ واحد. قال لي أحدهم: إن كان ما تقوله صحيحاً بأن البعض منهم تم خصم 500 بيسة من حسابه وفي حسابه أكثر من الحد الأدنى للوديعة فهذا يعني أن عليه الاتصال بالرقم الموضح في الرسالة للتوضيح، هذا صحيح ولكن من سيكون لديه الوقت ليتصل ببنك خدمة العملاء فيه رديئة؟
ففي مكالمة واحدة تحتاج إلى أن تنتظر إلى أكثر من نصف ساعة ليرد عليك أحد موظفيهم، تخسر فيها وقتك ومالك.

هذه الأفعال التي تقوم بها المؤسسات المصرفية تمسّ من الهوية العمانية وتهوي بها من قمة جبلٍ سحيق لتسحق بها الأرض تحت أقدامها، لا يوجد تبريرٌ لهذه الأفعال المشينة سوى اللعب على الوتر الحساس للمواطن الذي أنهكته الديون ومصاريف الحياة العمانية التي لا تخلو من الضرائب أينما حلّ وارتحل، فهنا غلاء الأسعار وارتفاع أسعار النفط بين شهر وآخر، وهناك رفع الدعم عن الكهرباء والماء وفي المقابل تم تخفيض الرواتب الشهرية لملتحقي الوظائف الجدد؟ فهل هذا ما يُسمى بالإنصاف؟ عندما تفرض الضرائب يعني هذا أن تزيد العلاوات، ولكن ما يحدث ونراه يمشي عكس التيار، فنحن مقبلين على رؤية عمان 2040,لذا يجب أن يكون تصرف المؤسسات تصرفاً معقولاً وأن تتعاون مع الحكومة في النهوض بالوطن وتحقيق هذه الرؤية فالجميع شركاء في تحقيقها من أفراد وجماعات، لذلك كان يجب أن يكون هناك نوع من العلاقة الودية بين الزبون والمؤسسات وأن يكون هناك نوعٌ من التسامح والتعاطف، فشدّ الحبل يحتاج إلى جماعة متقاربة وتسعى للفوز فيكون هناك شداً قوياً لا تراخٍ فيه، فهل هذا المثال يحاكي واقعنا؟ بالطبع ستكون الإجابة قطعاً لا، فما يحدث هو عملية تعطيل للرؤية وتكسيحاً للوطن والمواطن.

السعي للتوجه إلى بنوك أخرى قد لا يحل المشكلة ما دام يوجد هناك الكثير بحاجة إلى توضيحه، فنحن ننتقد هنا لنُصلِّح لا لنهدم ونعترض لشيء لا يرضينا ليتم السماع لنا والتوضيح، وأن التجاهل والتغاضي عن المواطن في كثير من الأمور التي تحتاج إلى توضيح قد لا يصل إلى نتيجة جيدة، فقد أعجبتني تغريدة رائعة للكاتب أحمد موسى البلوشي قال فيها: عندما ننتقد مؤسسة ما، لا يعني أننا في حالة صدام وحرب معها ولكن تقويم الأعمال والإجراءات قائم على النقد البنّاء واستماعها لهذا النقد دليل على تقدمها، فهل ستفعل المؤسسات المصرفية ما يريده منها العميل في الكف عن هذه التصرفات غير المقبولة؟ أم يعني ذلك أنها تسعى لحالة استقرار مالية وتصل إلى حالة دنيوية من الجشع والطمع؟

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights