رَســائـِـل فُـــؤَاد_ ج٥_ أســلوب حـياتك
فؤاد آلبوسعيدي
siaq2007@gmail.com
*يوماً ما عقلك الذي أغلقته على نفسك وجعلته لا يفكّر سوى بأنانية تقتل بقية ما حولك من أفكار..ذلك العقل الذي لم تخرجه بعيداً عن العباءة التي جعلتها ستارا ً لم يقبل أيّة أفكار طرحت عليك سيفهم ما لم تفهمه أبداً وأحدهم مُمْسكٌ بكفيّ يداك جامعهما على صدره وهو يحاول أن يغرس بك قِيَم جديدة بدلاً من القِيَم التي جعلتها مقياسا ً لكلّ الأمور في شؤون حياتك.
*بعض المراحل التي نعيشها في سنين حياتنا من الأفضل اعتبارها كصفحات بعض الكتب التي تمرّ علينا حروفها وسطورها مرور الكرام، صفحات كلما أعدنا قرائتها مراراً وتكراراً لن نفهم ونعي ما فيها، وربما اكتشفنا بعد تكرار قراءة ما فيها بأنها لم تكن سوى حشواً زائداً قد أُريد منه ملء بعض صفحات الكتاب، كذلك هي بعض الأمور في حياتك وما يمرّ منها عليك اعتبرها بلا فائدة يذكر، ليس عليك أن تقوم بالتفكير حولها كثيراً وفقط انتبه للقادم إليك من الأيام، وما سبق وضايقك وعكّر صفوة حالك فاعتبره وكأنّه شيئاً لم يكن له شأناً في حياتك، وبكلّ فخرٍ إصنع في دائرتك ومحيطك ضوءاً ووهجاً من الحماسة والتفاؤل، وما سبق فاترك شؤونه خلفك فما هي سوى مرحلة قد انتهت وكانت خريفاً أو شتاءاً قاسياً؛ عليك أن تهتمّ بحاضرك اليوم وكأنّك تضع حواف كلتا قدميك في مرحلة التهيئة التي ستقلّك إلى أجمل وأفضل مراحل ومواسم الرّبيع القادمة في حياتك.
*لم ولن أقول بأن الذكريات ستذهب بعيداً عنّا وتتوارى للأبد…، فمُخطئٌ من قال بأنه لا يتذكر أيّة أحداث وتبعات وقعت وجمعته في حياته سوءاً أكانت علاقات مهنية أو كانت علاقات اجتماعية مع أحدهم حتى وإن مضى عليها سنين وسنين.
من المهم جدّاً أن يعلم الإنسان بأنّنا نحن من نصنع الألم بأنفسنا، الألم لا يأتي إلينا بل نحن من نقوم باستضافته، هو الضيف الذي نفتح له أبوابنا بأنفسنا، وللأسف عندما يتمادى هذا الضيف علينا في طغيانه نحن لا نسعى إلى طرده بعيداً لأننا نكون قد تعودنا على وجوده أحيانا.
مُخطئٌ من قال لك بأنّك ستنسى هذا الأمر أو ذاك بسرعة الرّيح أو ربّما أشار بأنّ الأيّام ستنسيك كلّ ما فات وذهب من الماضي، كذب من حاول أن يطبطب عليك ليهدئك عن بعض مخاوفك تجاه ما تعرّضت له في ماضيك، لتعلم بأنّ بعض الأمور التي وقعت بسوئها عليك حتى وإن قمت بهجرها أو تركها لتعالجها الأيّام فإنها حتماً ستأتي إليك كلّما تحيّن لها ذلك، وهذا هو كذلك أمر بعض المشاعر مثل الشوق والحنين فلتعلم بإنّها لن تهجرك عنك أبداً..؛ ولكن يمكنك على الأقل الكفاح ضدّ أية بوادر قد تأتيك من الضفة العارية في قلبك.
*عندما ترى اليأس قد بدأ يدخل من أوسع أبواب قلبك أو ربّـما حياة شخصاً آخر يهمّك أمره وتودّ الوقوف معه في محنته أو الواقع الذي يعيشه فعليك أن لا تقف بلا حراك لا يفيدك إن كانت هي مشكلتك ولا يفيد غيرك إن كانت هي مشكلة غيرك، تذكّر دائماً بأنّ كلماتك لقلبك لها وقعٌ كبير عليك وعلى غيرك ممّن هم بحاجة إلى الاستماع إليك وإلى وجود المحفّزات التي ستساعدك وتساعد غيرك على الوقوف من جديد، فربّـما تكون كلماتك هي الطريق والمسلك الجديد الذي سيظهر لمن تعثّر وشعرَ بأنّ النهاية حتمية ولا يوجد بداية جديدة وناجحة يمكن أن تعيده من جديد إلى الحياة.
*لا تستسلم أبداً ويجب عليك أن تكبح جماح كلّ ما قد يأتي فيؤذيك ويضيق على حياتك ويومياتك، عليك أن لا تضعف وأن لا تستسلم لأيّ شيء ٍقد تراه شرّاً آتياً إليك عند حدوثه، لا تستسلم أبداً فإنّ بعض الأمور إن أسلمت نفسك إلــيها وأغفلتها وصبرت عليها كما تعتقد لن يكون وجودها في حياتك كحديقة زهور تمشي فيها كيفما تريد بل هي ستتسبّب بالمزيد من التّعاسة وستنزِل عليك ألاما أشدّ وربما بعدها عرفت بأنّه كان الأفضل لك مقاومتها بدلاً من الاستسلام لها.
*بينما نحاول بكلّ حكمة إصلاح ما أفسده أحدهم بنزواته في الجوار، لا يزال أحدهم يظنّ بأنّه محور الكون بل ولا يزال مصرّاً بأنّ آرائه وأفعاله هي الأسمى ولا يعلوها شيء بل وكأنّ القيامة لن تقوم بدونه، فكن حكيماً وابعد عنك وهم مفاتيح بعض الأمور فهي ليست بيدك ولست مقيّماً للأمور كما تسعى ومثلما تريد.
لتصنع السّعادة التي ترجوها عليك أن تكون حكيما، عليك أن تبدأ يومك وكأنك قد ملكت الدنيا كلّها، كن حكيما في بدايات يومك وليس عليك دائماً أن تفكّر بما حدث في يومك الفائت، كن حكيماً فأنت من تقرّر مقدار السّعادة إلا الذي تريد في كلّ يوم وذلك يتطلّب منك بأن لا توقظ أيّة هرمونات لها تأثيرات بأيّة مشاعر سلبية قد تجلب إليك الأحزان، وأنت في بدايات يومك حاول أن توقظ وتنشطّ هرمون السّعادة إن كان خامداً ومتقوقعاً في سباتٍ عميق، كن حكيماً من أجل سعادتك وامنح نفسك جرعة تحفيزية تنشّط فيها مشاعرك الإيجابية..، تذكّر أنت من تصنع ما تريده في غالب الأحيان، تذكّر بأنّ ٩٠% ممّا سيحدث لك بعد حين هو من صنيع يداك والنسبة الباقية هي فقط قد تكون بسبب تدخلاّت من أشخاص آخرين.
تذكّر قوله تعالى في كتابه الكريم…
{ وخلق كل شيء فقدره تقديراً}
تذكّر…
{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}
*عند التخطيط للحروب والمعارك يقال للجنود إن كان الهدف رخيصاً حافظ على قيمة سلاحك ونظافته ولا تقم بقصفه فالرصاصة التي ستطلقها قد تكون أغلى من ذلك الهدف الذي تنوي إصابته، لا تقصف ولا تصوب سلاحك على كلّ من يعاديك ويخالفك فقد تحتاج إلى عتـادك وسلاحك في مواضع وأهداف أكثر قيمة من هذا الذي تحاول أن تصيبه برصاصتك.
أحياناً عليك بأن تحافظ على الكلمات والحروف التى قد تقوم بنطقها أو كتابتها فليس كل ما يجول في خاطرك يستحق منك أن تقوله أو تكتبه أو تبيّنه للآخرين، ليس كلّ حدث يقع عليك أو عند غيرك يستحقّ منك أن تقوم بذكره بأيّ طريقة كانت، دائما اعمل بجدّ على أن تحافظ على أناقة أسلوبك عند التعامل ولباقة لسانك أثناء الكلام وسماحة أخلاقك في كلّ شؤونك، فما كلّ من يؤذيك بأيّ طريقة كانت يستحقّ منك أن تقوم بالردّ عليه، وما كلّ من رمى الأذى في طريقك يستحق أن تريه نفس العمل، تنزّه وترفّع عن بعض الأمر فما كلّ عدوّ يستحقّ منك أن تحاربه وتقوم برميه بالرّصاص فالبعض منهم عليك أن تعاملهم بلطف شديد جدّاً.
*وأنت تفكّر كثيراً و تملأ رأسك بالمسائل الحسابية وتراجع تلك المعادلات الخاصة بالنّجاح والفشل عليك أن تعي بأنّه لن تكون جميع استثماراتك مجدية وذي فائدة لك، التنازل عن بعض استثماراتك المستقبلية ليست خسارة فقد يكون ذلك أفضل لك لأنها قد تتسبب بخسارة كبيرة لجميع ما في يدك من إستثمارات جارية وربما أخرى لاحقة.
ما تخسره اليوم ربّما لم يكن بعد ربحاً أو نجاحاً مكتوباً لك، ليس صعباً عليك أن تفهم ذلك ولا سهلاً أن تقتنع وتقنع نفسك بذلك، تيقّن بأنّ رزقك آتٍ إليك لا محالة إن كان قد كُتب لك في صفحة الأرزاق حتى وإن كان هنالك أحدهم يحاول أن يبني سوراً عالياً ليمنعك به عن ما كُتب لك، كن على يقينٍ دائماً بلطف ربّك، كن على وفاق مع نفسك ومع كلّ شييء من حولك، حياتك إنظر إليها أحياناً بنظرة مختلفة، فبالرّغم من أنك أحياناً مُطالب بأن تبحث عن بعض الأمور الجميلة بنفسك إلاّ أنه هنالك أمور أخرى ليس عليك أن تنبّش عنها لأنها أمور يتوجّب عليك أن تكون متيقّناً بأن بعضها ستصلك جاهزة وذلك لأنها حتماً مقدّرة لك.
*إليك نصيحة رائعة قد تفيدك في بقيّة حياتك..عليك أن تُسْعدُ بمن حولك، فوجود أحدهم حولنا قد يكون فيه حكمة نجهلها، إعلم بأنّ هنالك شخص قد يُرسل إليك في طريقك دون سابق تخطيط فتجد فيه بعضاً مما فاتك في حياتك الماضية وربّما كذلك الحاضرة، هنالك شخصاً في كل حرف وكلمة تكتبه إليه تشعر وكأنّك أشعلت معه فوانيساً تنير بها مسارك، شخصاً كلما استلمت منه حرفاً يكتبه إليك وكلمةً يقولها لك شعرت وكأنّ أبواب أجمل بساتين الدنيا قد فتحت لك.
لنستمتع مع هؤلاء الأشخاص أثناء وجودهم بيننا ولنرى إبتساماتهم في كلّ صباح تشرق كالشّمس وكأنّها نوراً ييهج وجوهنا ويسعد أفئدتنا، مع هؤلاء الذين يحملون عنّا بعض ما نقاسيه في هذه الحياة علينا أن لا ننسى تلك اللّحظات التي نقضيها معهم ولنُشَهِّـد العالم أجمع بأنّ هذه الحياة هي جميلة وجميلة جدّاً بهكذا أشخاص بيننا عند نراهم يثابرون من أجلنا ويزرعون في وجوهنا ابتسامات لا تفارقنا من بداية إلى نهاية يومنا.