2024
Adsense
مقالات صحفية

📃الرعاية النفسية والاجتماعية للموهوبين (5)

د. إنعام بنت محمد المقيمية

يعتبر القرن العشرين نقطة انطلاقة كبيرة في مجال الموهبة والتفوق، حيث أخذ هذا المفهوم في التوسع وذلك محاولة من الدول اللحاق بركب التطور الذي يسود العالم، مع إيمانها بأهمية الدور الذي من الممكن أن تقوم به هذه الفئة، وسأذكر الترتيب الزمني لظاهرة الاهتمام بالموهوبين والمتفوقين كما يلي:
الاهتمام بالموهوبين قديم قدم الإنسان، ومما يعلم عناية السابقين بالفارس البارع والصياد الماهر والمقاتل المقدام والشاعر المتفنن والخطيب البليغ-كل في مجال تميزه-على مر العصور، كاهتمام الرومان بأعداد القادة العسكريين، وعناية اليونان بالفلاسفة، ورعاية الصين للحكماء وغيرهم.
كما تميز المسلمون في هذا المجال بداية من الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وعنايته الدقيقة الفائقة بعموم المسلمين والمتميزين منهم بشكل خاص، كأسامة بن زيد في القيادة وعبد الله بن عباس في الفقه وخالد بن الوليد في الشجاعة وحسان بن ثابت في الشعر وغيرهم.
وبدأت العناية بالموهوبين في التاريخ المعاصر، وبصورة منهجية علمية ظهرت عام ( 1869 م) مع فرانسيس جالتون (جد علم تربية الطلبة المتفوقين) الذي ألف كتاب ورثة العبقرية، وأسس عيادة في لندن يقيس فيها حدة الحواس وإيجاد العلاقة بينها وبين بعض الخواص الأخرى. بعده أتى جيمس كاتال الذي ألف مقياساً للقدرات العقلية عن طريق حساب العلاقة الزمنية بين المؤثر ورد الفعل، ثم أنشئت في( 1901م ) أول مدرسة موهوبين في أميركا.
بعد ذلك أتى بينيه الفرنسي الذي اختلف مع سابقيه وجمع الصفات الجسدية الحركية والعقلية لقياس قدرات الإنسان، وكلف من قبل الحكومة الفرنسية عام (1905م) لإيجاد طريقة التعرف على بطء التعلم، واقترح بعد ذلك مفهوم العمر العقلي عام (1908م)، وألف مقياس بنييه وسيمون حيث إنه يعتبر تطويراً لمقياسه سابق الذكر. وفي عام (1921م) أنشئ أول فصل خاص بالموهوبين في المدارس العادية بولاية كليفلاند.
بعدها عمل لويس تيرمان بترجمة مقياس بينية إلى الإنجليزية، وألف عدداً من المقاييس الأخرى في الفترة من (1925-1959م). وأطلق عام (1958م) كلوفاكس بمدينة بتسبير يولاية بنسلفانيا الأمريكية فكرة التجمع الجزئي. وفي بداية الثمانيات حاول البرفسور جوزيف رنزولي مواصلة دراسة تيرمان، إلا أنه وجد العينة متفاوتة من حيث التعليم والمهن والوضع الاجتماعي والاقتصادي. وبعده جاء جليفورد (1959م) بمفهوم جديد لتوسيع مفهوم القدرات العقلية والتكوين الذهني حيث لخصه في ثلاثة أبعاد هي: العمليات العقلية، المضمون، والنواتج. وعام (1972م) وضع ميولاند تعريفاً للموهوبين تبناه مكتب التربية الأمريكي.

ومن هذا التسلسل نلاحظ أن هناك أربع مراحل مر بها مفهوم الموهبة عبر التاريخ:
ارتباط الموهبة بالعبقرية كقوة خارقة توجهها الآلهة والأرواح.
ارتباط الموهبة بالأداء المتميز في الميدان.
ارتباط الموهبة والتفوق بالذكاء ونسبته.
اتساع هذا التعريف ليشمل الأداء الانفعالي المتميز أو الاستعداد والقدرة على الأداء المتميز في مجالاته العقلية والأكاديمية والإبداعية والقيادية.

ومن هذه المراحل نستنتج ارتباط تعريف الموهبة بمصطلحات كالتفوق والعبقرية والإبداع، حيث عرف التفوق العقلي كمصطلح عام يشير إلى النمو في القدرات العقلية المتعددة، أما مصطلح المتفوق تحصيلاً فيشير إلى المتفوق في إنجازه التحصيلي مما يعطي مؤشراً على تفوقه العقلي. أما مصطلح الموهبة فهو جانب من جوانب التفوق وهو يشير إلى الفرد الذي يتطلب وجود مهارات خاصة، كذلك الإبداع جانب من جوانب التفوق يشير إلى قدرة الفرد على الإتيان بأشياء جديدة مبتكرة، أما مصطلح العبقرية فهو يختلف بعض الشي عن المصطلحات الأخرى فهو يستخدم للإشارة إلى الفرد الذي تكون درجة تفوقه عالية في الإنجاز.
وفي المقالة القادمة بإذن الله، سأنقل بعض التعاريف التي تقاربت حولها وجهات النظر للموهبة والمصطلحات المذكورة سابقا، وسبب اختلف الباحثون في تعريفهم للموهبة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights