جامعة الواتساب
أحمد بن موسى البلوشي
نعيش في زمن تتعدد وتتنوع فيه مصادر المعرفة، زمن التكنولوجيا والمعلومات، فمن خلال الكثير من هذه المصادر الإلكترونية أصبح العالم قرية صغيرة، فبإمكان الفرد للوصول إلى أي معلومة يحتاجها؛ استخدام العديد من هذه المصادر ذات الثقة للوصول الى ما يبحث عنه، فالمعرفة كما يعرفها البعض هي: “مصطلح يدل على إدراك صور الأشياء أو صفاتها أو إدراك المعاني المجردة سواء كان لها وجود موضوعي أو في الذهن فقط”، كما أنّ العلم فتح الكثير من الأبواب للوصول الى العديد من المعارف في زمن كثرت فيه وسائل المعرفة وقلّت مصداقية معلوماتها، والعلم حسب ما يعرفه أهل المنطق هو:” إدراك الشيء أو المعنى على ما هو عليه في الواقع، أيّ أنّه المعرفة الصحيحة التي تتطابق فيه الصورة الذهنية للشيء مع واقع هذا الشيء”.
وانتشرت في الفترة الأخيرة وبصورة واضحة حركة العلم المفتوح التي تسعى إلى إتاحة المعلومات والمعارف والأدلة العلمية مجانا؛ مما زاد من شفافية العملية العلمية في العالم وجعلها أكثر شمولية، بحيث يستطيع الفرد أن يتأكد من المعلومات التي يتم تداولها من خلال قنوات عالمية وعلمية موثوقة، ومع هذا الحراك العالمي وتعدد وجهات العلم والمعلومات إلا أنّ الكثير من الشباب اليوم يعتمد عليه في الحصول على المعلومات والأخبار من خلال برنامج الواتساب، فالبعض يعتبره المصدر الوحيد للمعلومات، ويصدق كل ما يتداول فيه، لدرجة تصل في بعض الأحيان لتداول معلومات طبية مغلوطة وفي قمة الخطر على الإنسان والبعض يصدقها ويتعامل معها وكأنّها دراسة بحثية، وينشرها في المجتمع وكله يقين بصحتها، فالكثير مما يتداول في هذا البرنامج لا يمتّ للحقيقة بصله؛ بل مجرد إشاعات ومعلومات مغلوطة ومفبركة يتم تداولها ونشرها بين الناس، وفي نفس الوقت باستطاعة الكثير منّا أن يبحث عن مصدر المعلومة وصحتها وبطرق مختلفة؛ فلذلك يجب علينا أن نكون أكثر فطنة في كيفية الحصول على المعلومات الصحيحة ومن مصادرها الموثوقة، ومن الحكم التي أعجبتني في هذا الجانب الحكمة التي تقول:” لا أعلم من منهما سببّ الآخر ، الوحدة والذكاء، لكن من المحزن رؤية أولئك الأذكياء الرائعين تائهين في صفحات مواقع التواصل”.
ومع تعاظم دور برنامج الواتساب في الفترة الأخيرة، لم يعد يستخدم كنافذة للتواصل بين الأفراد والجماعات فقط؛ بل أصبح جامعة يدرس فيها بعض البشر، والكثير منا وللأسف أصبح من خريجي هذه الجامعة؛ وذلك باعتماده عليها في المعرفة والمعلومة دون أن يجهد نفسه في البحث عن صدق هذه المعلومات، والمؤسف كذلك قيامه بنشر هذه المعلومات بين الناس، وعندما تسأله من أين أتيت بهذه المعلومات؟ يقول إنّها من الواتساب، لذلك يجب على الشباب التأكد من كل ما يتم تداوله في هذا البرنامج وغيره من البرامج، ويعرف الهدف من نشرها بين أطياف المجتمع، فمصادر المعرفة والعلم كثيرة ومتعدد، فاجتهد قليلا؛ لتريح عقلك بصحة المعلومات، فالمعلومة السليمة تعتبر مصدر راحة للعقل.