إن لم تكن معنا أنت ضدنا
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
يحكى أن ثلاثة من العميان دخلوا في غرفة بها فيل، وطلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل، ليبدأوا في وصفه، بدأوا في تحسس الفيل، وخرج كل منهم ليبدأ في الوصف :
حيث قال الأول: الفيل هو أربعة أعمدة مثبتة على الأرض.
قال الثاني: يشبه الثعبان
و قال الثالث: بل هو أشبه بالمكنسة.
بالطبع من خلال الوصف هم مختلفون، ليشتعل بينهم فتيل المعركة والشجار، تمسك كل منهم برأيه، وبدأوا يتجادلون ويكيل كل منهم التهم على الآخر واصفا بأنه كاذب ويدعي الصدق، ومن خلال ما نلاحظ أن الأول أمسك بأرجل الفيل، والثاني وجد الخرطوم، فيما أمسك الثالث بذيله.
كل منهم كان يعتمد على برمجة عقله من خلال تجاربه السابقة، ولكن هل أعطى عقله فرصة ليتفكر في تجارب الآخرين؟
من خلال القصة هل كان أحدهم كاذبا لا يروي الحقيقة؟
نستنتج بأن الجميع صادق في وصفه، ومن خلال التجارب، ونعتقد بأن البعض لا يستوعبون فكرة أن للحقيقة أكثر من وجه، حين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا مخطئ، فقد نكون جميعا على صواب، لكن كل منا يرى ما لا يراه غيره؛ لأنهم لا يستوعبون فكرة أن رأيي قد يكون خاطئ، وغيري على صواب، والعكس صحيح، لا تحكم على غيرك من خلال نظرتك وحدك للأمور، وعليك أن تستفيد من تجارب وآراء غيرك، فلكل شخص رأي مختلف، ويرى ما لا تراه أنت .
للأسف البعض يعتقد أن من يختلف معه في الرأي هو ضده، ويبدأ الشيطان والعياذ بالله بترجمة كل ما يراه ويوسوس في نفسه، ولو نظر إلى القضية بمنهجية الشمول وأننا نختلف لنتفق لتغيرت معتقداتنا عن بعضنا البعض، في مثل هذه الحالات يتحول الاختلاف إلى خلاف، ويبدأ مرضى النفوس بشحن السلبية في قلوبنا ويستمر الخلاف، مهما قدمنا من عمل نعتقد أنه صالح ولوجه الله، سيظل البعض يعتقد ويظن فينا ظن السوء.
وكثير من الأشخاص يتبعون إن لم تكن معي فأنت ضدي، والدليل في كثير من المقالات التي أكتبها يرى البعض الجانب المظلم، ويفسر على ما يمليه عليه عقله الباطن المشحون بالسلبيات، ولا يرى الجانب المضيء المليء بالإيجابية، نعم الاختلاف وارد، ولكن يجب علينا أن نحسن الظن بالجميع، ويقول الكاتب الصحفي بصحيفة الوطن السعودية يوسف أبا الخيل: تجاوزنا شعار”إن لم تكن معي فأنت ضدي” إلى شعار”إن لم تكن معي فأنت ضد الدين”، ثم أتبعناها بشعار”إن لم تكن معي فأنت ضد الوطن”
مشكلتنا أننا لا نثق في بعضنا البعض، ولا نعطي أنفسنا فرصة للتعبير؛ ولهذا السبب كثير ما تتصادم أفكارنا، ونختلف مع بعضنا البعض، وعدم التقدير بداية سوء الظن، رغم أن الطرف الآخر قد يكون على صواب، رغم أن الآخر قد يكون مبدعا وإن كان مخطئا فيما نرى وله الحق في حجته بالدفاع عن معتقداته ووجهات نظره.
ولكي نتميز يجب علينا أن نفكر، وإذا فكرنا قد نبدع وإذا ما فكرنا بشكل جيد يجب إعطاء الفرصة لغيرنا للتعبير عن رأيهم بكل وضوح وشفافية وحياد، وأن لا نقف أمامهم حجر عثرة.
وليس كل من لا يتفق مع آرائنا قد يكون ضدنا.