يا عُمان عهدنا باقٍ أبيّ
خلفان بن ناصر الرواحي
نحن عهدنا باقٍ أبيّ، هكذا عهدنا لُحمة هذا الشعب المعطاء قيادةً وشعباً، وما زلنا نردّدها حتى في نشيدنا الوطنيّ.
يا عُمان نحن من عهد النبيّ
أوفياء من كرام العربِ
تلك هي الروح المتوقدة، والنبض الحيّ الذي يتدفق عطاءً منذ عهد النبوة، وتُضرب به الأمثال في مختلف بقاع المعمورة، في شتّى صنوف التعامل والتراحم، والوفاء بالعهود، سواء كان ذلك على مستوى الداخل أو الخارج، وكلما مررنا بمحنة كانت إرادته وقوته تفوق تلك المحنة، فتصبح حينها تلك المحنة عاجزة وذليلة أمام إصرار وقوة العزيمة والبذل والتضحية، وكأنها تقول لنا:
” ما أعظم هذا الوفاء بالعهد، وما أعظم هذا الشعب”، وذلك كله توفيقاً من الله سبحانه وتعالى، وتراكم السنوات والتلاحم بين القيادة والشعب منذ آلاف السنين، وشهد عليه بذلك نبيّنا وحبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيما جاء من روايات مختلفة، وستظل باقية وشاهدة لعظمة هذا الشعب العظيم.
لقد جاء يوم اللُحمة المباركة، وفي يوم مبارك وهو يوم الجمعة من غرة ربيع الأول من سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة وألف من الهجرة، الموافق الثامن من شهر أكتوبر من سنة واحد وعشرون وألفين للميلاد، ليلبي هذا الشعب النداء المنبثق من حسّ وطني مشهود؛ للتكاتف خلف إخوته وأهله بجنوب وشمال الباطنة من سلطنة عمان الحبيبة، للتخفيف من محنتهم من نتائج ما خلّفه الإعصار “شاهين” الذي ضرب هذا الجزء من السلطنة في مساء يوم الأحد ٣ أكتوبر ٢٠٢١، ليشكّل الجميع لُحمة وطنية واحدة، صغيرهم وكبيرهم، فقيرهم وغنيهم، حكومةً وشعباً، ومقيم ومحبّ لهذا الوطن ويعشق شعبه وترابه، فكانت الروح المُحبة حاضرة في العطاء والتضحية لتقديم كل ما يمكنهم أن يبذلوه لردّ الجميل، والمشاركة في التعاضد ومشاركة ما اشتكى منه جسد أهل الباطنة كلها المتضررة من ذلك الإعصار، وما خلّفه وراءه من دمار غير مسبوق، وتكللت تلك التضحيات في بوتقةٍ واحدة تصبّ جميعها عصارة فكرها في البذل والعطاء، والمشاركة بالمال والحال، ودخول المنازل لمشاركة المحنة مع أصحاب المنازل المتضررة، ومشاركة أصحاب الشأن في الحكومة في تقديم الخدمات المختلفة كمتطوعين في شتى المجالات، يداً بيد للمحافظة على بقاء عمان على العهد والوفاء، وتقديم أروع الأمثلة لمختلف بقاع العالم، ولقد أكرمنا الله أن نكون في هذا الحدث، فليس من سمع كمن رأى.
فهكذا نظل يا عمان، عهدنا باقٍ أبيّ.