الرعاية النفسية والاجتماعية للموهوبين
د. إنعام بنت محمد المقيمية
إن ما يواجه كل المجتمعات من تحديات وقضايا ومشكلات، يجعلنا نوجه اهتماما منقطع النظير إلى اكتشاف أبنائنا الموهوبين والتعرف عليهم، وتقديم سبل الدعم والمساندة لهم، في ضوء احتياجاتهم وقدراتهم ومساعدتهم في التغلب على مشكلاتهم، بالقدر الذي يمكنهم من استغلال طاقاتهم بما يعود على المجتمع بالنفع والفائدة والمساهمة في التغلب على مشكلاته والقضايا التي تواجهه، لأن الموهوبين في أي مجتمع هم الثروة الوطنية وعامل من عوامل نهضة مجتمعه.
حيث يمثل الموهوبين المتفوقين دراسيا في سلطنة عمان مصدرًا مهمًا للعطاء والتميز، وهذا الأمر يجعلهم بحاجة إلى الرعاية المتكاملة الخاصة من قبل الأسرة والمدرسة، من خلال البرامج والأنشطة الأثرائية المعدة لتوجيههم لبناء شخصية متوازنة متخطين كافة الصعاب التي تواجههم، والعمل على التخفيف من حدة ما يواجهون في حياتهم النفسية والاجتماعية.
حيث الاهتمام بالموهوبين لا يقتصر على توفير البرامج التربوية التعليمية المهتمة بتنمية قدراتهم العقلية والذهنية، ولا يقتصر على سن القوانين والأنظمة التي تنظم حياتهم وتسهل التعامل معهم، بل يتعدى ذلك إلى رعايتهم نفسيا واجتماعيا ووضع البرامج الإرشادية المتخصصة التي تضمن لهم نمو نفسياً وعقلياً واجتماعياً متكاملاً يحقق لهم الشخصية السوية المتكاملة في جميع جوانبها، وقد بدأ الاهتمام بالحاجات الإرشادية للطلبة الموهوبين متأخراً بأكثر من ثلاثة عقود من بداية الاهتمام بحاجاتهم التربوية أو التعليمية، ويعود الفضل بداية في إثارة الاهتمام بحاجاتهم الإرشادية للباحثة والمربية: ليتا هولينغويرث (Hollingworth) التي أسهمت دراساتها بتسليط الضوء على هذه الفئة كإحدى فئات ذوي الحاجات الخاصة من الناحيتين التربوية والإرشادية، وقد قدمت أدلة ساطعة على وجود حاجات اجتماعية وعاطفية للطلبة الموهوبين المتفوقين، وعلى عدم كفاية المناهج الدراسية العادية وعدم استجابة المناخ المدرسي العام الذي يغلب عليه طابع الفتور، وعدم المبالاة تجاه الطلبة الموهوبين والمتفوقين، بالإضافة إلى وجود فجوة بين مستوى النمو العقلي والعاطفي لهؤلاء الطلبة، حيث يتقدم النمو العقلي بسرعة أكبر من النمو العاطفي، كما أشارت إلى ضياع: (50%) أو أكثر من وقت المدرسة دون فائدة تذكر بالنسبة للطلبة الذين تبلغ نسبة ذكائهم: (140) فأكثر، كما أن هناك خمس سمات يمكن أن تنتج صراعاً داخلياً وخارجياً للموهوبين وهي التفكير المتشعب، والإثارة، والحساسية، والإدراك العميق، والتضحية ويرافقها سلوكيات مضطربة في تنظيم الذات والوعي والتفاعل الاجتماعي.
لذا تعتبر رعاية الموهوبين هو اهتمام بالثروة البشرية التي تحتاجها المجتمعات كافة لبناء نفسها والنهوض بها، وقد أثبتت البحوث والدراسات أن للموهوب المتفوق عدة حاجات ينبغي إشباعها لديه وهي طبقا للاتحادات القومية للتربية (NEA) كالتالي:
١- أن يتم تأييده ودعمه وتشجيعه ورعايته من قبل الآباء والمدرسين والزملاء والموجهين مما يساعده في تنمية الأهداف بعيدة المدى.
٢- أن يدرس مستقلا ويبحث بنفسه ويكتسب مهارة تقويم الذات.
٣- أن يتقن مهارات الاتصال.
٤- أن يكون له نشاط واضح في مجالات وأنشطة متنوعة وأن يحس بمضامين التغيير.
٥- يحتاج إلى استثارة الخيال والتخيل وأن تنمى لديه مهارات التفكير عامة والتفكير الابتكاري خاصة.
للحديث بقية…