قراءة قانونية حول تعديل المادة 13 من قانون العقوبات البديلة البحريني
سيِّد إبراهيم محسن
يعدّ المشرع البحريني من المشرّعين الذين سبقوا غيرهم في إصدار قانون العقوبات البديلة، حيث صدر بتاريخ ٢٠/٧/٢٠١٧م القانون رقم (١٨) لسنة ٢٠١٧م بشأن العقوبات والتدابير البديلة، لتحقيق الغاية من العقوبة في العصر الحديث التي تتجسد في إصلاح المحكوم عليهم وتأهيلهم للانخراط في المجتمع، من خلال إلزامهم بالعمل في خدمة المجتمع أو الإقامة الجبرية في مكان محدد أو التعهد بعدم التعرض لأشخاص معينة أو الخضوع للمراقبة الإلكترونية وبرامج التأهيل والتدريب، وغيرها من العقوبات.
وهذه العقوبات لا يمكن توقيعها إلا من قاضي تنفيذ العقاب الذي يعتبر صاحب الاختصاص الأصيل وفقًا لما تقضي به أحكام المادة ١٦ من القانون السالف ذكره، وعضو النيابة – على سبيل الاستثناء – بإمكانه إلزام المتهم بواحد أو أكثر من التدابير البديلة المنصوص عليها في المادة ١٨ من القانون نفسه عوضًا عن الحبس الاحتياطي.
ومع ذلك فالعقوبة البديلة – قبل تعديل القانون – لا يمكن أن تتم إلا إذا أكمل المحكوم عليه نصف مدة العقوبة المحكوم بها، وأن يتمتع بحسن السيرة والسلوك، وألا يكون في الإفراج عنه خطر يهدد الأمن العام، وأخيرًا أن يؤدي الالتزامات المالية المحكوم بها عليه من المحكمة الجنائية.
غير أنه بتاريخ ٩/٩/٢٠٢١م صدر مرسوم بقانون رقم (٢٤) بتعديل المادة ١٣ يقضي بمنح الجهة المختصة بوزارة الداخلية حق تقديم طلب استبدال العقوبة الأصلية لقاضي تنفيذ العقوبات قبل البدء بتنفيذها متى ما كان المحكوم عليه قد أدى جميع الغرامات المالية المحكوم بها، وألا يكون الإفراج عنه يهدد الأمن العام، وفي الفقرة التالية قد منح الجهة المختصة بوزارة الداخلية بعد التنسيق مع مؤسسة الإصلاح والتأهيل حق طلب استبدال العقوبة الأصلية بعقوبة بديلة لمدة مماثلة لباقي العقوبة المحكوم بها، وبذات الشروط المشار إليها سلفًا مع إضافة شرط تمتع المحكوم عليه بحسن السيرة والسلوك، على أن يكون الفيصل في الطلب هو قاضي تنفيذ العقاب بعد أن يستمع لأقوال النيابة بهذا الشأن.
وأول ما نلاحظه في هذا التعديل بأنه لم يسلب سلطة الفصل في طلبات استبدال العقوبة من قاضي تنفيذ العقاب كما يروج له البعض في مواقع التواصل الاجتماعي، فكل ما في الأمر بأنه منح الجهة المعنية بوزارة الداخلية حق تقديم طلب استبدال العقوبة مع إبقاء سلطة البت فيها لقاضي تنفيذ العقاب، فلا يمكن للجهة المشار إليها سالفًا توقيع العقوبة البديلة من تلقاء نفسها، أو حتى بناءً على طلب ذوي الشأن، وإنما يقتصر دورها على تقديم الطلب لقاضي تنفيذ العقاب.
وأما بخصوص شرط قيام المحكوم عليه بالوفاء بجميع الالتزامات المالية المحكوم بها ما لم يكن من المستحيل عليه الوفاء بها، فيعتقد الباحث بأن موقف المشرع لم يكن دقيقًا بخصوص هذا الشرط، فكما نعلم بأنه لا مجال للحديث عن الاستحالة في تنفيذ الالتزامات المالية، فكان من الأفضل اشتراط تقديم كفيل أو تقديم تسهيل مالي بتقسيط المبلغ المحكوم به حتى تتحقق رؤية المشرع في التوسع في تطبيق العقوبات والتدابير البديلة، فاليوم عدد كبير لا يستهان به من المحكوم عليهم بمبالغ مالية كبيرة يعجزون عن تأديتها، مما يمنع الإفراج عنهم لعدم انطباق هذا الشرط عليهم.
بينما فيما يتعلق بالفقرة الثانية من التعديل فإن منح الجهة المختصة بوزارة الداخلية بعد التنسيق مع مؤسسة الإصلاح والتأهيل حق تقديم طلب استبدال العقوبة لمدة تساوي باقي العقوبة بالشروط المشار إليها أعلاه، فيرى الباحث بعدم ضرورة إضافة شَرطي حسن السيرة والسلوك وعدم وجود خطر يهدد الأمن العام من جراء الإفراج عن المحكوم عليه، والاكتفاء بشرط واحد منهما، ذلك أنه من البداهة القول بأن المحكوم عليه الذي لا يتسبب خروجه بخطر يهدد الأمن العام لا جدال على تمتعه بحسن السيرة والسلوك، والعكس صحيح كذلك فمن يتمتع بحسن السيرة والسلوك لا يمكن لخروجه أن يهدد الأمن العام، لكن الأدقّ من وجهة نظر الباحث القاصرة الاكتفاء بشرط عدم وجود خطر يهدد الأمن العام من الإفراج عن المحكوم عليه مع الاعتماد على معايير موضوعية معتمدة في تحديد متى يكون الإفراج يهدد الأمن العام من عدمه، وعدم ترك النص بهذه الصورة، لما يثيره من توسعة دائرة الاجتهادات القضائية والإدارية التي ينبغي على المشرع الالتفات لها وتضييقها قدر الإمكان.
كما أن هذا التعديل قد أزال الشرط الأول في القانون القديم المتمثل في ضرورة قضاء المحكوم عليه نصف مدة العقوبة المحكوم بها، وهذا ما يعكس غاية المشرع في التوسع أكثر فأكثر في تطبيق العقوبات والتدابير البديلة.
وأخيرًا فيما يخص الفقرة الأخيرة من التعديل، فهي لم تتغير عن القانون القديم، فصلاحية البت في جميع طلبات استبدال العقوبة تعود لقاضي تنفيذ العقاب الذي لا يبت في أي طلب إلا عندما يستمع لأقوال النيابة العامة، وعلى ذلك تترتب نتيجة هامة مفادها عدم إمكانية تطبيق العقوبة البديلة عندما تكون الدعوى الجنائية في مرحلة جمع الاستدلالات.
المراجع:
1- القانون رقم (١٨) لسنة ٢٠١٧م بشأن العقوبات والتدابير البديلة.
2- المرسوم بقانون رقم (٢٤) لسنة ٢٠٢١ بتعديل المادة (١٣) من القانون رقم (١٨) لسنة ٢٠١٧ بشأن العقوبات والتدابير البديلة.