2024
Adsense
مقالات صحفية

6 . السفير الشيخ أحمد بن محمد بن ناصر اللمكي

بقلم: ليلى بنت سعيد اللمكية

 

اسمه هو: الشيخ أحمد بن محمد بن ناصر بن سليمان بن ناصر بن سليمان بن راشد بن عمر بن سعيد بن ذيب اللمكي.

وُلِدَ السفير أحمد في زنجبار بشرق أفريقيا في 10 إبريل 1929م/29 شوال 1347ه، وكانت دراسته من الحضانة إلى الجامعة في القاهرة بجمهورية مصر العربية، والتحق بكلية الحقوق بجامعة الملك فؤاد الأول، وقد صاحَب دراسته نشاطه السياسي المُعادي للاستعمار البريطاني، وعلى إثر ذلك قُبِضَ عليه عام 1949م/1368هـ وسُجِنَ لمدة عامين تعرّف خلالهما على محمد أنور السادات، ثم عاد إلى زنجبار، وبعد ذلك أرسله والده إلى لندن بالمملكة المتحدة لدراسة اللغة الإنجليزية، ولكنه عاد بعد عامين بسبب مرضه، وكان ذلك عام 1953م.

وعندما عاد إلى زنجبار انْتُخِبَ بالإجماع سكرتيرًا للجمعية العربية في السنة نفسها، وانضم للحزب الوطني الزنجباري.

زوجته هي السيدة آسيا بنت علي بن محمد المسكري، ومن ذريته: محمد، علي، ناصر، عمار، فاطمة.

دوره الصحفيّ:
شارك في تحرير صحيفة الفلق التي صدرت عام 1954م، الصادرة عام 1929م كصحيفة أسبوعية سياسية أدبية اجتماعية اقتصادية علمية، والتي كانت تصدر وقتها يوم الإثنين من كل أسبوع بحوالي خمسين نسخة فقط، لكن زاد عدد النسخ إلى أن وصل 2800 نسخة مدة استمرار كتابة السفير أحمد في دورياتها، وكذلك أصبحت تصدر يومَيْ الإثنين والأربعاء من كلّ أسبوع. ولكن في عام 1954م قُدِّمَت الفلق للمحاكمة بإحدى عشر تهمة، وصدر الحكم بتوقيف الجريدة لمدة سنة، ودفع غرامة قدرها 35000 شلنج، والجدير بالذكر أنّ الصحيفة بعد تنفيذ الحكم عادت للإصدار من جديد.

ومما يذكر في هذا الحدث أنَّ الشيخ أحمد اللمكي قُدِّمَ للمحاكمة بسبب مقال انتقد فيه الوجود البريطاني في زنجبار، ثم صدر حكم بتبرئته والاكتفاء بوقف الصحيفة مدة عام كامل وتغريمها.

ولَعَلَّ سبب حجب الجريدة عن الظهور لمدة عام هو نشر مقالة تَنْقُد فيه تصرُّف الجبهة الأمنية باقتحام أحد منازل العرب ليلاً في زنجبار بدون إذن مسبق، وكان نقدها شديداً فاضطرت سُلطات الأمن إلى إغلاق الصحيفة، لكن القائمين عليها لم يرضخوا لهذا القرار الجائر، وتقدموا بشكواهم إلى القضاء الذي أنصفهم، وأعاد الصحيفة للظهور.

وقد عبّر القائمون عن فرحتهم، فقد كتب رئيس التحرير في عددها الصادر في 27 يوليو 1955م/6 ذي الحجة 1374هـ، مقالاً بعنوان “جبهة السلام ترد جريدة الفلق إلى الحياة” ومما جاء فيه:
“لقد كان سروري عظيماً عندما علمتُ بخروج جريدة الفلق من سجن السلطات الجَبَّارة، فعادت إلى حياة جِهَادِها، بعدما حُجِبَت عن الميدان لمدة سنة كاملة:
“إن أفراحي الكثيرة بحياة الفلق من جديد حفزتني إلى كتابة هذه السطور كتهنئة للأمة العربية برجوع صحيفتها إلى حياة النطق في مصالحها وإني أُقَدِّر موقف العرب وثباتهم منذ صدور ذلك الحكم القاسي”.

وقد أعاد الشيخ أحمد اللمكي إصدار صحيفة النهضة عام 1954م، بعد أن تم إيقافها من السلطات البريطانية عام 1953م، واستمرت في الصدور حتى عام 1955م، حيث أُعيد إصدار صحيفة الفلق مرة أخرى.

وقفات مع صحيفة الفلق:
لقد كانت تصدر بحجم صغير ثم أصبحت بعد ذلك أكبر، فقد كانت أقل بقليل عن صحيفة عُمان الحالية، وقد كان الخط مكتوبًا بخط النسخ، لكنهم اتفقوا مع خطَّاط من زنجبار لتغييره إلى خط الرقعة والديواني، وكانت آلات الطباعة قديمة؛ ولذلك قاموا بِشِراء أحرف جديدة، وجدّدوا ما استطاعوا تجديده من الحروف القديمة، وكانوا يحضرون الأحرف العربية من القاهرة أما الحروف الإنجليزية فكانوا يحضرونها من بريطانيا.

وكان العاملون في الصحيفة يحصلون على رواتب، وقد وصل عددهم إلى عشرة أشخاص، وبعد أن أصبحت تصدر مرتين في الأسبوع وتوزّع بنسخ كثيرة زادت رواتب العمال؛ لأنهم كانوا يحصلون على أجر إضافي على الساعات الإضافية، فقد أصبحوا يعملون حتى بعد منتصف الليل، ولا توجد فترة توقف إلا ساعة في وقت الغداء، وكان العمل الرسمي يمتدّ من السابعة والنصف إلى الثانية ظهرًا.

وكانت الإجازة يوم الأحد، وعندما اتسعت الصحيفة أصبح العمال يعملون يوم الأحد.

ينقسم العاملون إلى القسم العربي والقسم الإنجليزي، والموزعون الذين يوصلون الصحائف إلى البريد.

أما عن التمويل لعمل الصحيفة فقد كانوا يتلقون معونة مالية من الجمعية العربية في زنجبار، وثلث مصدرها من البيع والتوزيع، ولم يكن يستخدم الإعلان مثلما تفعل الصحف الهندية التي كانت تصدر بإعلانات محلية ودولية.

وعن المصادر الخبرية للصحيفة فقد كان أغلبها من الإذاعات، وبعض الرسائل التي كانت تصدر من عمان واليمن ووكالة أنباء رويتر، حيث كانوا يدفعون اشتراكًا لها، فضلاً عن الجمعيات المتنوعة الموجودة في أفريقيا، وقد كانت تصل الأخبار إلى مقر الجمعية، بالإضافة إلى جهود المحررين وأعضاء الجمعية العربية الذين كانوا يوافون القائمين على الصحيفة بالأخبار التي يحصلون عليها أو تصل إليهم.

جهوده السياسية:
شارك الشيخ أحمد في سلسلة مفاوضات من أجل الاستقلال لزنجبار وكينيا، وفي عام 1963م/1382هـ استقلت زنجبار وتشكلت حكومة جديدة بقيادة السلطان جمشيد بن عبدالله البوسعيدي، وعُيّنَ الشيخ أحمد اللمكي سفيراً لسلطنة زنجبار في منطقة الشرق الأوسط مقيماً في القاهرة بجمهورية مصر العربية .

وساهم في حل مشكلة عودة العمانيين من زنجبار إلى وطنهم الأم عُمان، وكانت له مراسلات مرتبطة باستقرار الزنجباريين المَنفيين، وعيشهم في القاهرة أو مسقط، واختيار مسقط بناءً على علاقات النسب وصِلات القربى بين سلطانَيْ زنجبار ومسقط، وأطلق على هؤلاء الزنجباريين المراد توطينهم في مسقط في الوثائق لقب “عرب المانجا”.

وجاء الرد من سلطان مسقط وعمان سعيد بن تيمور في 20 مايو 1965م بالموافقة وتسهيل دخولهم أراضي سلطنة مسقط وعمان بجوازات سفر عمانية.

مناصبه بعد أحداث سنة 1964م في زنجبار:
بعد أحداث يناير عام 1964م والتي أطاحت بسلطنة زنجبار كدولة مستقلة، ظلَّ الشيخ أحمد لاجئًا سياسيًا في القاهرة لمدة تسعة عشر عاماً، إلا أن زيارة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور– طيب الله ثراه- إلى القاهرة عام 1973م غَيّرَت في حياة الشيخ أحمد اللمكي، فقد التقى بالسلطان قابوس فتم تعيينه فيما بعد سفيراً بوزارة الخارجية العُمانية، نفّذ على إثرها عدداً من المهام كونه سفيرًا متجولًا لسلطنة عُمان، وزار ليبيا والسودان واليمن الشمالي.

شغل الشيخ أحمد اللمكي منصب السفير في كلٍّ من: صنعاء” اليمن” عام 1974م/1393هـ، ثم الجزائر عام 1975م/1394هـ، ثم ألمانيا عام 1977م/1396هـ، وسفيرًا غير مقيم في السويد والدنمارك وسويسرا وفنلندا ثم لندن عام 1982م/1402هـ.

وفي عام 1984م/1404ه عاد إلى عُمان رئيسًا للشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية، وفي الوقت نفسه نائباً لرئيس المجلس الاستشاري للدولة “مجلس الشورى حاليا”.
الرستاق في حياة السفير أحمد:

ولم ينسَ السفير أحمد مسقط رأسه حيث كان يقوم بزيارات لولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة في المناسبات المختلفة سنويًا ويجتمع بأفراد من بني لمك في مجلس الجماعة بقرية الظاهر بولاية الرستاق، وكان يناقش معهم الأمور المتعلقة بالقبيلة، ويستعرض المشاكل التي تواجههم رغبةً في وضع الحلول المناسبة لها.

ومما يُذكر أنه كان للسفير أحمد منزلًا خاصًا به في ولاية الرستاق، وهو يقع بالقرب من حديقة الرستاق العامة، لكن آلَ ذلك المنزل في الوقت الحاضر إلى أحد أفراد قبيلة الحمراشدي بعد أن تمّ بيعه.

توفى السفير أحمد بن محمد بن ناصر اللمكي- رحمه الله- في 4 يناير 1997م/25 شعبان 1417هـ في مسقط بسلطنة عمان.

المصادر والمراجع :
1. الموسوعة العمانية، المجلد الأول ، ط1، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان،1434هـ/2013م، ص 114.
2. الصحافة العمانية في زنجبار، عبدالله بن سالم الحارثي، جريدة عمان، الملحق الثقافي، 23مايو1991م، ص ص 12-13.
3. مقابلة شفهية أجرتها الباحثة مع الأستاذ ناصر بن عبدالله الريامي، عام 2001م .
4. دراسات صحفيه، الصحافة العمانية(نشأتها،تطورها،إتجاهاتها)، فوزي مخيمر، الباب الثاني،صحافة المهجر الأفريقي، الفصل الثاني، الصحافة العمانية في أفريقيا، بحث غير منشور.
5. العمانيون وأثرهم الثقافي والفكري في شرق أفريقيا(1870-1970م)، هدى الزدجالي، ط1، دار نثر، الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، مسقط،2021م، ص 371، ص ص 512-513.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights