2024
Adsense
مقالات صحفية

الكنز المهمل:

محمد علي البدوي
الكاتب المتخصص في الشأن السياحي العربي والعالمي

بدأنا سلسلة المعالم السياحية العربية بالحديث عن (صلالة عمان) وكان رد فعل الأصدقاء في مصر مميزاً، حيث أكد لي أكثر من صديق أنه استفاد كثيرا ًمن مقالتي عن صلالة لأنهم لم يكونوا على دراية بكثير من المعلومات حول هذه الوجهة الفريدة، خاصة أننا أوضحنا مدى روعتها وتميزها كواحدة من أهم معالم وطننا العربي السياحية، ووعدنا القاريء الكريم بإستكمال الحديث عن معالمنا العربية سواء كانت مدناً أم آثاراً؛ لكي يتعرف القاريء على حضارتنا العريقة ونحدث نوعاً من التثقيف السياحي والذي هو هدفنا الأساسي.

لعلي لا أنكر انحيازي الصريح لهذا المعلم الفريد وربما كان من وجهة نظري المحدودة أحد أهم وأبهى وأعظم الآثار الإسلامية علي مر العصور، بل ربما جاز لي أن أطلق عليه هرم الآثار الإسلامية.

حظ الآثار الإسلامية في مصر ليس بالجيد وذلك بسبب سيطرة الآثار الفرعونية على المشهد، ولكن مسجد السلطان حسن شيء مختلف يجبر كل من يراه أن يقف المشاهد متعحباً من روعة البنيان ودقة الإتقان.

مات السلطان حسن قبل اكتمال البناء، ولم يتم العثور على جثمانه، ولم يدفن في الضريح الذي بناه داخل المسجد ليدفن فيه بل دفن فيه ولداه فيما بعد.

كان السلطان حسن مولعاً بالفنون والآداب وكان عاشقًا لفن العمارة، لذلك قام بجلب أمهر المهندسين من كل بقاع العالم وطلب منهم إنشاء هذا المعلم بحيث يفوق في جماله أي مسجد آخر كان موجوداً وقت تشييده.

بني المسجد ليكون جامعاً ومدرسة لتدريس المذاهب الإسلامية، حتى أنه في بعض العصور فاقت شهرته شهرة مسجد الأزهر فضلاً عن تفوقه على كافة المساجد الأخرى في روعة البناء.

إنه وبحق أعظم وأجمل وأروع مساجد الحضارة العربية الإسلامية وأجلها شأناً.

توفرت فيه دقة التصميم وجلال ودقة الهندسة وجمع بين ضخامة البناء وجمال الشكل، وتنوعت زخارفه حتى تشعر أنك أمام عمل نادر.
تنوعت زخارفه كدقة الحفر في الحجر ممثلة في زخارف المدخل والباب النحاسي للمسجد، والثريات النحاسية، والمشكاوات الزجاجية التي تزين سقف المسجد، فضلاً عن النوافذ الجصية ذات الزجاج الملون، والزخارف الخشبية التي تميز العصر المملوكي بشكل عام.

الإرتفاع الشاهق للمسجد والكتل الحجرية الضخمة التي بني بها جعلته رمزاً خالداً للإبداع على مر العصور، فكل قطعة تمثل عملاً فنياً بديعاً؛ مثل باب المسجد الذي يعد آية في بدعة الصنعة، فهو مكسو بالنحاس المشغول بأشكال مفرغة بزخارف دقيقة بديعة الشكل.

قبته العالية وإرتفاع مئذنتيه واتساع مساحته وروعة زخارفه جعل منه متحفاً مفتوحاً للفن الإسلامي.

مكانه المميز بالقرب من قلعة صلاح الدين ومسجد محمد علي جعله في بؤرة إهتمام السلاطين والأمراء، ورغم أن يد الإهمال قد طالته وخاصة المياه الجوفية إلا ان الدولة المصرية قد وضعت خطط محكمة لصيانة كافة الآثار الإسلامية وعلى رأسها مسجد السلطان حسن درة تاج آثارنا العربية.

يتكون المسجد من صحن أي ساحة مكشوفة يحيط بالصحن أربعة إيوانات(مساحة مربعة أو مستطيلة مغلقة من ثلاثة جوانب الحياة ومفتوحة من الجانب الرابع) وفي زوايا الصحن الأربعة توجد أربعة أبواب(مخارج) تؤدي إلى المدارس الأربعة المخصصة لتدريس المذاهب الإسلامية الأربعة.
ذكره المؤرخ الفرنسي جومار وقال:
(إنه من أجمل مباني القاهرة والإسلام ويستحق أن يكون في المرتبة الأولى للعمارة العربية بفضل قبته العالية وارتفاع مئذنتيه وعظم اتساعه وفخامة وكثرة زخارفه).

 تبلغ مساحته الإجمالي حوالي ٨٠٠٠ متر مربع وترتفع المئذنة لتصل إلى ٨١ متراً، ومن حسن حظ السلطان الناصر حسن بن محمد بن قلاوون أن تلميذه وقائد جنده بشير الجمدار عمل على استكمال بناء المسجد ليكون أحد أهم التحف الفنية الإسلامية.

دعوة لزيارة معالمنا العربية الفريدة والتعرف على حضارة الأجداد الذين أبهروا العالم في كل بقاع الوطن العربي.
حفظ الله شعوبنا العربية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights