2024
Adsense
مقالات صحفية

سلاح اليقظة والدوائر الثلاث

سعد بن فايز المحيجري

نتوجّه دومًا إلى أولياء الأمور والمربّين بضرورة التربية الصحيحة والتنشئة السليمة لأبنائهم وفلذات أكبادهم، وممّن يكونون تحت تصرّفهم وولايتهم، فهم المُشكِّلون والمبلورون والصانعون حقًا لهذا النشء ولا مِرْيَةَ في ذلك.

اتّجه العالم خلال السنوات القليلة الماضية ويتّجه خلال السنوات القادمة إلى تطويق المجتمعات الإسلاميّة بجملة مفاهيم وتصورات وأخلاق، وإلى تقويض بنائها الإسلامي المُتَّزن، وتعريتها من جلباب التعاليم الأخلاقية التي ميّزت هذا الدين القويم، فبعدَ أن تمكّنتْ هذه الدول والمنظّمات التي تتحرك بدافع ديني محض مُغَلّف بإطار اقتصادي تحت شعار الحرية من اقتحام دائرة التعليم بكل أبعاده وأطيافه، وإقصاء دوره في بناء الإنسان المسلم السويّ، وبعد إدراكها أنَّ الوصول إلى عقل المرأة المسلمة وشحذه بمجموعة من الأفكار التحرّريّة هو أحد السُبُل المختصِرة جدًا لبلوغ أهدافها وغاياتها، ها هي الآن تعمل على دوائر ثلاث لا تخفى على كلِّ ذي لبّ، وتعمل جاهدةً بكل ما أوتيت مِنْ خبث ومكر لإحلال هذه الدوائر مكان الجذور التي يشربُ منها الإنسانُ المسلمُ تعاليمَه وتصوراتَه الفكرية، غير آبهة ولا حافلة بنا وغير معتبِرة لوجودنا، وهو ما يدفعها إلى سلوك هذه المسالك دون أنْ تحسب لنا حسابًا، أمّا الدوائر الثلاث التي تعمل عليها فأولها الشذوذ الذي تسمّيه المثليّة، وثمة فرق في دلالة المفردتين، يكفي أنّ كلمة شاذّ تحمل دلالة كل ما خالف القاعدة والأصل، وكلمة مِثْل تُلغِي هذه الدلالة؛ فهي تريد تخفيف وقع كلمة الشذوذ لذلك تستخدم كلمة المثليّة، وثانيها الإلحاد الذي لا يمر يوم إلا وتطرق هذه الكلمة مسامعنا، وثالثها المخدِّرات التي تُطوَّر يومًا بعد يوم، وتتفنّن في ترويجها لأبناء المجتمع المسلم دون انتباهٍ منّا، وقد أصبحتْ هذه الثلاث سلاحها المعتَمَد لنحتِ المجتمعات الإسلامية وتشكيلها مرة أخرى كما تشتهي هذه المنظّمات أن تكون مجتمعاتنا الإسلامية، وفي ظل ابتعاد المسلمين عن قرآنهم لا شك أنّها ستصل إلى مبتغاها.

لا يُمكن إنكار سيطرة هذه الدوائر الثلاث على وسائل الإعلام في الوقت الحالي، وإنْ قلناها بالشكل السليم فإنَّ وسائل الإعلام موجّهة لخدمة هذه التوجّهات؛ لأنّها ليست بأيدينا بكل بساطة، فلا يكاد يمر يوم دون أنْ تلحظ إشارة في دعوتها إلى إحداها ما لم تكن مجتمعة بطريقة خبيثة إبداعية مُستسَاغَة للمُتابِع، ولا يسلم منها إلّا مَن امتلك سلاحَ اليقظة والانتباه، نعم سلاح اليقظة، أهمّ سلاح يمتلكه ولي الأمر في مواجهة الأفكار الخاطئة والمسمومة التي تهدد سعيه الحثيث من أجل إنشاء جيل سليم يستطيع أن يجابه كل ما يعترضه مِن آفات فكرية تهدد كيانه الديني والأخلاقي والفكري، وإلّا كيف يستطيع هذا الولي أو المربّي دحر هذه الدخائل المعوجَّة التي لا تصل إلى فكرٍ إلّا أوردته موارد العفن الأخلاقي، وأنّى له التصدي لها وهي تَعْرِضُ بشكل يومي لأبنائه إنْ لمْ يكن هو على علم بسرائر مَنْ يقف خلفها؟ وحقيقة الأمر أنَّ هذه الدوائر تُدَسُّ دسًّا في المواد الإعلاميّة التي لا يُدْرِكها منّا إلّا مَن تسلّح بالمعرفة اللازمة والثقافة المتمكِّنة فيها، فالإعلام وصل إلى مراحل متقدِّمة لا يُمكِن معها كشف أهدافه وأساليبه إلّا بوساطة متخصصين في المجال الإعلامي.

الأمر الذي أجبرني على توجيه هذه الكلمات، هو أنني مِنْ مُتابعي رياضة التنس الأرضي منذ سنوات مضتْ، ولمْ يدُرْ في ذهني يومًا أنّ هذه الرياضة قدْ تقتحمها دائرة من هذه الدوائر الثلاث وسيُصيبها ما يصيبُ غيرها، وقد تفاجأت بذلك وأنا أرى ذاك اللاعب وهو يرتدي الشعارات الخاصّة بالشاذِّين، لا أعلم حقًا أهو يعتنق فكرَهم أم مجرد إعلان من أجلِ حفنة مِنْ مالٍ باع لأجلها مروءته في عالَم أصبح لا يُفَكِّر إلَّا بالمادة؟
صفوة القول عزيزي ولي الأمر كُنْ على قدر المسؤولية، وتسلّح باليقظةِ أمام هذا السيل الجارف من الهجوم على الأمة الإسلاميّة وشبابها، وأنتِ أيتها الأم ووليّة الأمر فلستِ بمنأى عن هذا، فلا تثقي في أي برنامج يُعرَض أو تطبيق يُنتج، ففيها من سموم الأفكار ما لا يُتوقَّع، وكوني منخلًا يفصل الدقيق عن نخالته، ولا تسمحي بعبور كل ما يُمرّر إلى أبنائك عبر وسائل الإعلام إلّا بعد تنقيحه وفحصه فحصًا دقيقًا، فيقظتُك تعني سلامة أبنائك.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights