كن أنت مصدر المعرفة لهم
أحمد بن موسى البلوشي
يخبرني أحد الأصدقاء بأنّ ابنه وجه له سؤلًا غريباً، سؤالاً لم يتوقعه من ابنه ذي الرابعة عشر عامًا، حيث سأله عن شعار الشاذين، وعندما استفسر منه عن كيفية سماعه للموضوع أجاب بقوله: سمعت زملائي يتكلمون عن ألعاب للأطفال بها ألوان تعتبر شعار لهذه الفئة من الناس، وللأسف لم يتصرف صديقي التصرف السليم مع ابنه، ولم يجب على سؤاله؛ بل نهره وقال له: هذه الأمور أكبر من سنك، وكُن بعيدًا عن هذا الموضوع!
والمشكلة تكمن عند بعض أولياء الأمور في تجاهل أسئلة أبنائهم عن بعض الأمور المحرجة، أو البعيدة عن القيم والعادات السائدة، وعدم الإجابة عليها؛ مما يفتح للأبناء أبواباً كثيرة للبحث عن إجابات لهذه الأسئلة، ويمكن أن يتوصل لمعلومات خاطئة قد تسبب له مشاكل سلوكية وأخلاقية ونفسيه كذلك، ويذكرني هذا الموقف بموقف آخر عندما سألت البنت والدها عن معنى النسوية؟ فقال: تعني النساء يا ابنتي.
فعليك أيّها المربي عندما يطرح ابنك أو ابنتك سؤالاً يتجاوز حدود قدراتهم العقلية أن تتحمل المسؤولية الكاملة في الإجابة عليه؛ لأنّ هذه الإجابة تساعد الأبناء على النمو الثقافي والمعرفي، لكيلا يقعوا فريسة لقنوات ومصادر أخرى قد تؤثر عليهم وعلى تربيتهم وعلى طريقة تفكيرهم، فتجاهل الردّ عليهم، وعدم الإجابة على أسئلتهم ليست هي الحل، فهم في جميع الأحوال سيبحثون عن مصادر أخرى لإجاباتهم، وقد تكون هذه المصادر مُضلّلة، أو لا تتوافر المعلومات الصحيحة عن الموضوع.
بل يجب علينا كأولياء أمور أن نشجع أبناءنا على طرح الأسئلة التي تعتبر أحد مفاتيح المعرفة لديهم، والإجابة على جميع تساؤلاتهم بمصداقية ووضوح، والابتعاد عن الإجابات الخاطئة وغير المقنعة، وإذا لم تكن تمتلك الإجابة على هذه الأسئلة فليس من العيب أن تطلب منه الانتظار حتى تقرأ عن الموضوع وتفهمه وبالتالي تتكون لديك صورة واضحة وإجابة صحيحة عنه، وكذلك يمكنك أن توجه ابنك لقراءة كتاب يستفيد منه ويجد إجابة مقنعة لسؤاله، أو تشتري له كتاباً تعتقد بأنه سيكون المعين له في الوصول لإجابات مرضية لهذه الأسئلة، المهم ألا تتجاهل أي سؤال يطرحه أبناؤك عليك، بل يجب أن تكون موجهاً لهم وتفيدهم بما هو صحيح.
إنّ فترة المراهقة من أهم وأصعب الفترات التي يمر بها أبناؤنا، واجتيازهم لها يعتبر دليل نجاحك في تربيتهم التربية السليمة والصحيحة، لأنّها تشكل شخصيتهم وتكون المعرفة لديهم، وتعتبر خارطة طريق لهم، لذا يجب علينا أن نتحمل هذه المسؤولية تجاههم، ويجب ألا ننشغل كثيراً عنهم، ويجب أن نجلس معهم ونناقشهم ونستمع لأسئلتهم ونجيب عليها، فمن خلال تشجيع الأبناء على طرح الأسئلة، سيعرف ولي الأمر ما يدور في فكره؟ وما ميوله؟ وما دوره هو كولي أمر في هذه الحالة.
فلا تترك أبناءك صيداً سهلاً لمصادر المعلومات المغلوطة والكاذبة، بل كن أنت مصدر المعرفة الذي يلجؤون إليه عندما تكون لديهم أسئلة.