“فيتامين واو”
بدرية بنت حمد السيابية
لعلك عزيزي القارئ سمعت بعبارة انتظر دورك.. وأكيد البعض قد قيلت لهم هذه العبارة أثناء مراجعة معاملاتهم في مختلف الجهات الحكومية أو المؤسسات الموجودة في البلد، وأيضا يتم تداولها بين العائلات؛ مثلاً في توزيع الحلويات بين الأطفال الصغار حتى لا تكون هناك فوضى عارمة تحدث بينهم وشجار نهايته الضرب لا سمح الله، فهذه أمور بسيطة من الممكن تفاديها من خلال الترتيب والنظام، فهنا الانتظار له فوائده ولكن ليس لذاك الحد في التمادي فيه.
من منا لم يسمع بعبارة “الواسطة ” أو “فيتامين واو” يا لها من عبارة رهيبة تسحق كل من يقف في وجهها، وتصعد على أكتاف الغير دون رقيب ولا حسيب!! – نعم الواسطة تغلب القانون ومن لا يلجأ للواسطة؟ وهي من تخلص المرء في تيسير أموره وتجعله في المقدمة دائماً حتى لو كان ذلك مخالفاً للأسف الشديد – تكون أحياناً الواسطة على حساب الآخرين. لنأخذ مثالاً على ذلك: أراد شخص تقديم مساعدة لتوفير مساعدة لإبنة أو إبنته المعاق/ المعاقة، وتبدأ الطلبات الكثيرة على مقدم الطلب من توفير كل الثبوتات والأوراق، ويتم نسخها وتوصليها بكل أمل ورجاء إلى موقع الطلب متأملاً في قبول الطلب.
رغم أنه في حاجة ماسة إلى تلبية المساعدة إليه إلا أنه يجد الأعذار تنهال عليه كسيل جارف، معه تحطيم كل الآمال والأحلام، ويصبح اليأس والإحباط أمام عينيه، ويرجع لبيته متكاسلاً داعياً الله المولى بأن يكون خيرة له شاكراً المولى في السراء والضراء، ولكن لو نظرنا للجانب الآخر وأصبح هناك تبادل في الأدوار. لنفرض بأن هذا الشخص المحتاج له مكانة خاصة في المجتمع ويحسب له ألف حساب، أتعتقدون ستكون حياته هكذا يذل نفسه بهذة الصورة؟، بالطبع سيكون الجواب لا، بل سيحسب له مليون حساب ويلبى طلبه بأسرع وقت، أليس صحيحا؟؟؟
للأسف، فإن الواسطة أصبحت ضرورية في كافة مناحي العمل والحياة. فجميعنا لدينا قناعة أنه من دون واسطة أو معرفة لن نتمكن من العمل أو الإنجاز في أي مجال مهما كان بسيطاً؛ لذلك علينا البحث عن واسطة أو معرفة أو علاقة لتسهيل ذلك، وتمكيننا من إيجاد فرصة عمل أو غيرها من الاحتياجات عندي ‘واسطة’.. إذن أنا ‘مقبول’ ! وكثيرة هي المواقف، كطالب أنهى دراسته الجامعية ولم يتوظف، بينما يجد زميلاً له مستواه متدني ولم ينهي دراسته متربعاً في وظيفة مرموقة!!!. فهنا الفرق لمْ ينظروا للكفاءات ولا المؤهلات، ولكن نظروا من واسطته أقوى؟؟!
وللواسطة أو ما يطلق عليها ب ‘فيتامين واو’ سلبيات كثيرة، فحين تجدها في المجتمع وفي مؤسساته قاطبة تصبح كالرشوة تماماً، فيستقر في حس الأفراد بأن أعمالهم لا يمكن أن تنجز من دون الواسطة، ويصبح كل ما هو ممنوع لجلب مصلحة يمكن تجاوزه بالواسطة. ثم إن الناس لا يخافون إلا من الشخص الذي لديه واسطة، أما من ليس لديه ‘ظهر’ او واسطة فليقف في آخر الطابور!.
إن قضية الواسطة واللجوء إليها موجودة كظاهرة اجتماعية في كل أنحاء العالم، ولكن بنسب متفاوتة، كما أنها تمنع في حالات كثيرة أصحاب الحق من الوصول إلى حقهم، وتُصنّف بأنها من الأمراض الخطيرة المضرة جداً بالمجتمع، وتسبب حالة من الاختلال وعدم التوازن – لا تترك انعكاسات سلبية فقط على من لا يملكها بل يشمل ذلك أيضًا المستفيد منها، لأنها في أحيان كثيرة تخلق حالة من النقمة والحقد عليه.