المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الخامس والعشرون: –
مقالنا لهذا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن مواجهة العمانيين للبرتغاليين في الخليج العربي.
– بعد سقوط مسقط الحصينة من يد البرتغاليين فكروا في إيجاد بديل على الساحل العماني، ففي يوم ٢٦ ديسمبر عام ١٦٥١م أرسل أنطونيو دي سوسا كوتينهو حاكم الهند إلى جو الرابع ملك البرتغال يتحدث خلالها عن مخطط لإقامة قاعدة في خصب.
– في مايو عام ١٦٥٢م قام الأسطول البرتغالي بالاستيلاء على قلعة خصب، وأقاموا حامية عسكرية فيها، وعندما علم الإمام سلطان بن سيف الأول بما قام به البرتغاليين أعطى أوامره للأسطول العماني بالاستعداد وانتظار الأوامر.
– في ٢٨ أغسطس عام ١٦٥٢م تم إرسال سفينتين من قطع الأسطول العماني إلى خصب وعلي متنها ٣٠٠ مقاتل تحت قيادة القائد مسعود بن راشد، ولكن البرتغاليين فضلوا الهرب فور مشاهدتهم لقطع البحرية العمانية ترسوا في مقابل سواحل خصب، وهذا ما تؤكده وثيقة برتغالية تم إرسالها من جوا الهندية إلى لشبونة في ٢٨ يناير عام ١٧٥٣م.
– عام ١٦٦٩م توجه أسطول برتغالي إلى بندر عباس وكان بقيادة دوم جيرونيمو مانويل، وكان وصولهم بعد وقت قصير من وصول أسطول عماني مكون من خمس وعشرين قطعة إلى ميناء كنج الفارسي، فالتقى الأسطولان في معركة دموية كما وصفها الإنجليز حيث سقط ٥٠٠ شهيد من العرب، ولكن تم القضاء على معظم رجال الأسطول البرتغالي وانسحب الأسطول العماني استعداداً لمعركة أخرى، فيما عاد القائد البرتغالي إلى جوا منتصراً مع مباشرة الاستعدادات لمهاجمة مسقط بأسطول أكبر.
– الوصف البريطاني للمعركة غير منصف ويكتنفه الغموض، فكيف يكون البرتغاليين منتصرين وقد فقدوا معظم رجالهم؟؟ كما أن التقرير يتحدث عن مهاجمة العمانيين للقائد البرتغالي شخصياً، وهذا يدل على أن الأسطول البرتغالي في حالة من الارتباك والهزيمة بحيث لم يستطيع الدفاع عن قائده، ولا يوجد ما يؤشر على هزيمة الأسطول العماني غير أنهم حققوا هدفهم ولم تبق لهم عمليات أخرى فرجعوا إلى قاعدتهم التي انطلقوا منها، وهذا شيء طبيعي في جميع الأساطيل البحرية، علماً بأن البرتغاليين كان لهم تواجد وحلفاء على الساحل الفارسي وحاميات في هرمز ولارك وقشم، ودخول البحرية العمانية في معركة بحرية كبيرة في وسط جغرافي معادي لهم لهو شجاعة نادرة وكبيرة.
– عام ١٦٦٩م وجه الأسطول العماني ضربات قوية للبرتغاليين، فقد تمت مهاجمة القواعد العسكرية المعادية في جزيرة قشم وهرمز التي كانت معركة شرسة، قتل فيها الكثير من العرب والبرتغاليين، كما قام العمانيون بتحرير جزيرة قشم؛ وبالتالي تم توجيه ضربة قوية لتجارة التحالف البرتغالي والفارسي.
– عام ١٦٩٥م قامت سفن الأسطول العماني المكونة من خمس قطع تحمل على متنها ١٥٠٠ مقاتل بالهجوم على المركز البرتغالي في كنج على الساحل الفارسي، وقد استطاعت القوات المسلحة العمانية من إنزال هزيمة ساحقة وجسيمة بالبرتغاليين، وتم تدمير الحامية البرتغالية التي كان مقرها على الساحل الفارسي، كما غنم العمانيون جميع الأملاك البرتغالية هناك، وتم كذلك أسر سفينة برتغالية بكامل حمولتها، وكان مجموع ما غنمته البحرية العمانية في هذا الهجوم هو ٦٠ ألف تومان.
وقد قال الشيخ خلف بن سنان الغافري في معركة كنج:
ولدى كنج كان منه لهم
ما كاد منه تدكدك الآكام
فغدت من عمان كف بني الأصفر
صفرا قد هزها الانهزام
– في ١٣ مايو عام ١٦٩٨م أرسل البرتغاليون بارجتين إلى عمان، وعندما علم والي مطرح أرسل الأسطول العماني لمواجهتهم في منطقة رأس الحد، وتشير الوثائق إلى أن نتيحة المعركة كانت لصالح البرتغاليين؛ فقد كان عدد الشهداء من الأسطول العماني كبيراً، ومن ضمنهم قائد الأسطول، أما البرتغاليون فقد قتل منهم خمسة جنود، وأحد عشر جندياً هو عدد جرحاهم.
– عام ١٦٧٠م قامت القوات العمانية بمهاجمة ومحاصرة ميناء هرمز للمرة الثانية، وقد استمر هذا الحصار لمدة ثلاثة أشهر، عادة بعدها القوات البحرية لقواعدها في ميناء مسقط.
– في أغسطس عام ١٦٧٢م هاجم الأسطول البرتغالي بعض السفن العمانية المتجهة إلى البصرة للتجارة، وتم نهب محتوياتها، وبالتالي زادت وكثرت مثل هذه الأعمال والأعمال المضادة فقد تصاعدت المواجهات بين الطرفين لدرجة خطيرة.
– في ٢٤ سبتمبر عام ١٦٧٢م وقعت معاهدة صلح في مدينة صحار وقعها عن العمانيون الإمام سلطان بن سيف الأول اليعربي وعن الجانب البرتغالي القائد دي ميلو، وكان أهم بنودها وقف العمليات العسكرية أو القتالية بين الجانبين لمدة ستة أشهر، ولكن هذه الاتفاقية لم تصمد كثيراً، فقد اعتقل القائد البرتغالي فور وصوله إلى جوا، وتم ترحيله إلى لشبونة لمحاكمته هناك بسبب توقيعه على الهدنة مع العمانيون.
– وهنا قد يطرح سؤال وهو لماذا وافق الإمام سلطان بن سيف الأول على عقد هذه الهدنة رغم تفوق البحرية العمانية على البرتغاليين؟؟؟ والجواب سوف يكون كالتالي: –
١- هي فرصة لالتقاط الأنفاس، فالخسائر بين الطرفين كبيرة مادياً وبشرياً.
٢- هي فرصة لإعادة البناء والتنظيم وترتيب الصفوف، وإعادة صياغة الخطط والأولويات، ورسم الاستراتيجيات الجديدة على حسب تطور الأحداث، وتغيير الأهداف والخطط، وكذلك للإستراحة وصيانة القطع العسكرية.
– عام ١٦٧٣م قام نائب الملك البرتغالي في جوا بإرسال أسطول ضخم هدفه تمشيط المحيط الهندي والقضاء على السفن العمانية فيه إظهاراً لتفوق البرتغالي مع تعليمات وأوامر مشددة بتوجيه أقصى الضربات للعمانيين، وعند وصول الأسطول البرتغالي إلى مسقط وجدها محصنة بقبضة حديدية لا يستطيعون اختراقها، فقد كان منظر المدفعية العمانية مخيفاً لهم.
– قام البرتغاليون بمهاجمة خليج سداب الصغير المتاخم لمسقط، حيث قاموا بقصف أسوارها وانسحبوا بسرعة (( وجاء الرد العماني مدمراً، بل مزلزلا، فقد توجه أسطول عماني مكون من عشرين سفينة إلى منطقة ديو الهندية وهي منطقة مهمة جداً للبرتغاليين، حيث قامت سفن البحرية العمانية بتدمير معظم سفن الأسطول البرتغالي التي وجدوها هناك))
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن مواجهة العمانيين للبرتغاليين في الساحل الغربي للهند.
المصادر: –
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
((١٥٠٧م – ١٦٩٨م))
المؤلف: –
أحمد بن حميد التوبي
– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف: –
د. أيمن محمد عيد
– دولة اليعاربة
المؤلف: –
د. عائشة السيار