الطعن في العائلة بالسب والشتم ليس لعبة أطفال!
أحمد الحراصي
ستكبر يوماً وستتعلم ما كان يشغلك في الحياة، ستفهم ما هو الجد وما هو الهزل، ستعرف شيئاً جديدا ينمو في داخلك كالهشيم في النار، ستحافظ عليه وستصقله ليصبح قوياً، إنه وما أطلق عليه أنا (شرف العائلة) ، وأي شرف؟ ستكتشف أنك فرداً واحدا ضمن جيشٍ من الآلاف جاءوا قبلك وحافظوا على هذا الكيان، حافظوا على هذه (العائلة) التي أنت اليوم انضممت إليها، ولذلك كان ينبغي أن تفهم بأن هذا الكيان هو إرثك العظيم الذي ورثته من أجدادك فحافظ عليه ولا تسمح لأي كان أن يسلبهم حقهم وإن سمحت لذلك فتأكد بأنك ستكون ضحية خداع أسدٍ كنت أنت فيه الثور الأحمر وستُؤكل يوما كما أُكل الثور الأبيض من قبلك!.
العائلة هي الجيش الذي ينتصر لك، وهي صمام الأمان الذي يفرغ تعبك عندما يزيد الضغط عليك دون الحد الذي تحتمله، وبما أنك فرداً من هذا الجيش يجب عليك أن تعي أن دفاعك عنه بالتحصين ورد الهجمات التي تطاله هو واجب ودين يتحتم عليك تأديته.
ما يحدث في عصرنا الحالي الكثير من التطاولات على كيان الأسرة من قِبل أشخاص لا ناقة لهم ولا جمل في شأن هذه العائلة، ولكنهم أشخاص اعتادوا التدخل في شؤون الغير وتعكير مزاج الفذ، فيتلفظون على أفراد العائلة من أم وأب وأخ وقد يتطاولون عليهم بوجودك وفي مسمعك، فما أنت فاعل؟
السكوت هو علامة الرضا وهو ينفيك من أن تكون فرداً من الجيش المتقدم ذكره، أنا لا أطلب منك أن تقابل الشتم بالشتم ولا السب بالسب، فهذه ليست من صفات المسلم «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ»،
ولا تنم للدفاع عن هذا الجيش بصفة، ولا أطلب منك أن تقوم بلكمه أو ضربه ولو أنه في حقيقة الأمر يستحق ذلك وأكثر ولكن؛ ولأننا في زمان دولة القانون والمؤسسات، علينا أن نحترم هذا القانون وأن نأخذ حقنا منه، ولكن قبل ذلك عليك أن تفعل شيئا آخراً، ربما جوابي لك سيستغرق قليلاً من الوقت ولكنني فقط أولا أريد أن أجعلك تشعر معي بمعنى هذه الوقائع الكلامية القذرة.
تصور أنك حضرت مشادات كلامية بين رجل وآخر من عائلتك، واحتدمت إلى مواجهة غير عادلة وغير مقبولة، حيث تحول هذا الرجل إلى سفيه وجبان ولم يستطع المواجهة إلا بالسب والشتم في أعراض الناس ممن هم عائلتك فيتجرأ أن يشتم أبيه أو نفسه، وقد أكون ظالما في حق نفسي بأن أتطرق للكلمات التي قد يقولها في حق عائلتك، وأعتقد في قرارة نفسي أنه لديكم المعرفة الكاملة عن هذه النوعية من الناس التي تتميز ببذاءة اللسان وقذارة القلب وضعف الرزانة فتُلقي بالكلام الرديء والبذيء كمن يلقي حجرا من قمة جبل سحيق كما لو أنه لعبة أطفال.
هنا أنا أريدك الآن أن تتخيل معي ماذا يجب أن تفعل بعدما وضَّحت لك الفكرة المستدركة لهذا السب والشتم، ما يجب فعله هو ما ينطبق عليك أنت، ما الذي يُحرك في دواخلك عندما تسمع هذا الكلام؟ ، إن كان لا شيء فأنت ميت إذاً ، وإن كان هناك شيئا ولو مثقال ذرة فأنت ما تزال حيا، فإن كنت تسألني ما سأفعله، فبالطبع لديَّ جوابا وجوابي هو أن أوقف هذا الرجل عند حده الذي يسمح له بالتكلم باحترام، وأن يعرف أن العائلة خطٌ أحمر لا يستطيع هو تجاوزه أو حتى بالتفكير في ذلك، وأستطيع طرده من المكان الذي لم يحترمه ولم يحترم جالسيه، وتقديم الشكوى تأتي في المقام الثاني بالطبع ولكنها ليست أقوى من المقام الأول؛ لأن المقام الأول يعني وجود خط دفاع أنت أظهرته لكل من سولَّت له نفسه المساس بعائلتك وألجمت أفواههم.
شعورك بأن ضميرك ما يزال حيا يعني القيمة المكانية التي تحتلها العائلة في قلبك، أنت رجلٌ صارماً لا يقبل التجاوزات التي من شأنها أن تتعدى الحدود والخطوط الحمراء تجاه العائلة، هو ابن أخيك، عمك، خالك، ابن خالك، عمتك، جدك، فما الذي يعنيك بهم؟ يعنيك أنهم عائلتك ما يمُسَّهم يمُسُّك، فبعضهم لا تعنيه هذه التفاهات -في حد قولهم- وبإمكانك أن تقول عن أهله وعائلته ما تقول، ما يعنيه هو نفسه، ولكنني أقول لك عكس ما تقوله، ما بيني وبينك تحله الأيام وما بينك وبين العائلة لن يستطيع حلك ولا حل غيرك أن ينقذك من العفو؛ لأن هذه أمورا لا يعفي عنها الرجل الحر ولا تستسيغها النفس، هي أشبه بحد السيف لا تستطيع أن تقترب منه إلا وجرحك، لذلك كان يجب عليك أن تصن لسانك وتبتعد عن السيوف الحادة.
فالرجل يبقى رجلاً والرزين يبقى رزينا والطيب يبقى طيبا والخبيث يبقى خبيثا، فكن رجلاً صارماً جداً في مثل هذه الأمور ولا تعفي عنها لمن لا يستحق العفو والمسامحة، ولا يجب أن تنساها وتُشغلك الظروف وتستغلك المواقف للنسيان، يجب أن يكون لها حيزاً تشغله من فراغك، أنا لا أطلب منك التفكير فيها والسرحان، أنا فقط أطلب منك أن لا تنسَ ولا تسامح من شتم وسب وقذف في أعراض (عائلتك)، فكن رجلاً جديرا بهذه العائلة.