مقال : نكت مؤلمة
بقلم : سعيد بن أحمد القلهاتي
مما يؤلمني كثيراً ما أقرأه من النكت التي أخذت تنتشر بشكل واسع في أوساط المجتمع وتتقاذف بشكل كبير كالسيل المنحدر من أعالي الجبال عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي ،، ومن المعروف أنَّ هذه النكت إن لم تكن جميعها من نسج الخيال أي من الكذب فإن غالبيتها تكون من هذا القبيل ، وما يزيد ألمي تلك التي تنصب في شأن المرأة وبالأحرى “الزوجة” التي نزل الله عز وجل في شأنها قرآناً يُتلى آناء الله وأطراف النهار وفي الصلوات والاستشهاد به عند عقد القران ، وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
،، حيث قال عز من قائل : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [ الروم 21] ،، ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه قال : “إستوصوا بالنساء خيراً” فأي قلب هذا يتقبل مثل هذه السخافات إن جاز التعبير عنها ، وأي عقل هذا الذي يفكر في كتابة مثل هذه الترهات ، فتجد هذه النكتة من تصف الزوجة بالجشع والطمع وتلك من تصفها بالاستبداد وسلب حرية الزوج وأخرى من تصور المرأة بالغباء والجنون ، وهَلُمَّ جرى من مثل هذه الصفات التي لم ينزل الله بها من سلطان والتي لا تليق شرعا ولاقانونا بهذا الإنسان العاقل السوي الكيِّس الفطن ،، وهناك أيضا من النكت ما تنال من المجانين والمحششين والسكارى وهؤلاء بطبيعة الحال هم بشر مثلنا ، فالمجنون قد ابتُليَ بذهاب العقل فبدلاً من أن نقذف عليه بالنكت والسخرية كان من الأجدر بنا أن ندعو الله له بالشفاء والمعافاة مما ابتلاه به ربه عز وجل ، والمحشش والسكران هما ممن سيطر عليهما هواء النفس والشيطان وكان من الأفضل أن ندعو الله لهما بالهداية والرشد وننصح من نستيطع نصحه ،، ومما هو محزن ويؤسف له أن هذه النكت تلقى قبولا من المتلقين وتبادلا بالرموز التعبيرية المعبرة عن الضحك والاستهزاء وكأن المعنيين بهذه النكت هم أعداءنا ، فلنبادر جميعنا للحد من هذه التصرفات الغير محمودة والمرغوبة ولنجعلها شيءً منبوذاً بيننا فمما لا تقبله لنفسك لاتقبله لغيرك ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحب لنفسه) .. ولنتذكر دائما أننا مسؤولون عند الله عز وجل عما نقول وعما نرى وعما نسمع ، فالحق تبارك وتعالى يقول : {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق : 18] ،، ويقول جل في علاه : {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات : 24]
هدانا الله جميعا لما فيه الخير والسداد ، ووفقنا لما يحبه ويرضاه .