أفل نجم
مهنا بن صالح اللمكي
في صيفنا الملتهب تبدو القلوب مرهقه ،والأرواح منهكه، والحياة الاجتماعية أضحت كقلم حبر يوشك أن ينفد مدادة..وفي مغارة العشرين من هذا القرن -الظلام حالك -لانكاد نبصر نور من الأمل إلا وتحول إلى سراب يحسبه الظمآن ماءا .
كحال كل الحارات قديماً… تتشابك بيوت الطين ، هكذا تبدو حارة الحيل بمحلة الظاهر بالرستاق ،حيث الواحات الزراعية من كل إتجاه ، يعمها الهدوء والسكون إلا من قههات الضحكات المميزة لأشخاص أَلِفتهم الحارة بضحكاتهم الصاخبه.
بطلنا هذا عَرِفْته قبل ٤٠ عاما يتجول بين حقول ومزارع حارتنا هذه -الحيل-يحمل اسطوانة من المعدن على ظهره كعامل رش زراعي . تلك المهنه الشاقه وروتينها اليومي المتكرر لم تسلب نظرته المتفائلة للحياة رغم بساطة عيشة.
أفنى جل وقته لخدمة بيئته ووطنه محاولاًتوفير متطلبات الحياة الكريمه لأسرته .
ظل محافظا لزيه واصالته وبشاشته المعهودة رغم جروحه الداخلية في مكابدة ظروف العيش التي اختلفت عن الماضي البسيط لتصبح أكثر قسوة وصعوبة.لم تغيره الحياة العصريه بتقلباتها التكنولوجيه والفكريه السريعة، حيث ظل يتردد كل يوم على سوق الولاية بجانب القلعة مع من تبقى من أصحابه ليعيد ذكريات أحداث مضت وأصحاب رافقوه مسيرة الحياة ورحلوا قبله .
رحل الوالد نجيم دون أن نسمع نشيج آهاته وتألمه من الحياة . فمشيئة الله أرادت أن لا نمسح من ذاكرتنا بشاشته وضحكته التي عرفناه بها من أول وهله وتظل راسخة في ذاكرتنا مدى حياتنا.
ولازالت معارك هذا الوباء الطاحنه لم تتكشف لنا عن حجم خسائرها الفادحة من الارواح . فكم من عزيز شاركنا الحياة بحلوها ومرها ،ووجوه كنا نألفها ونشاهدها في مناسبات عدة راح ضحيةلهذا الوباء تاركاً خلفه مرارة الفقد، وما زالت الأرقام في تصاعد مستمر،فهل سيتسع قلب المحب أكثر ليواري ثرى محبيه واحداً تلو الآخر؟!