ماهية الأهداف
د . علي زين العابدين الحسيني
تنعدم الرؤى المستقبلية عند عدم وجود أهدافٍ يمكن تناولها، وينعكس هذا الأمر على الحياة الشخصية للأفراد مما يسبب إرهاقاً، ويترتب على ذلك زيادة الجهود المبذولة، وأقلها التفكير المستمر الذي يستغرق الأوقات، علاوة على عدم القدرة للوصول إلى ما يربو إليه الشخص نفسه.
هذه الأهداف قد تكون واضحة ومحددة بانتقاء إلا أنّ الطرق الصحيحة إليها غير مسلوكة، وقد تكون صحيحة إلا أنّ صحتها لا يقتضي الأخذ بها بالضرورة في كلّ الحالات، فربما تكون بيئة العمل غير ملائمة، أو الوقت لا يسع لتحقيقها، وقد يوجد في كثيرٍ منها تكلفٌ ظاهرٌ يكذبه الواقع، يجلبها الخيالُ إلى أذهاننا ليس إلاّ، فلم نتشبع بها في قرارة أنفسنا.
إنّ الجهد المعلوم في الأعمال يكون أقلّ كلفاً من الجهد المجهول الذي يتجدد مع كل حدث، وفي أيام كورونا خاصة تختفي المعالم الواضحة، وينبني على اختفائها جهد متواصل، وهو متجدد، لكنه يختلف عن سابقه بأنه واقع مجهول، هو أشبه بمن يعيش لحظة متجددة بعائقها وصعوبتها، فما من يوم إلا ويتجدد جهد من نوع آخر.
أتوصل مما سبق إلى نتيجةٍ حتميةٍ واقعيةٍ يكاد لا يُختلف فيها، فإذا لم تكن هناك أهداف أصلاً، أو كانت لكنها غير محددة أو غير ملائمة فإن العشوائية في العمل هي السائدة، وانتشار التفكير المزاجيّ هو المسيطر على الوضع، فيكون العمل فردياً لا مؤسسياً، ويغيب التقييم الحقيقي للبيئة العملية.
في بعض البيئات تحيط حالة من الغموض، وهذا الغموضُ في أصله ناشئ عن غموض الأهداف، والعكسُ بالعكس، وقد يرجع الغموض إلى وجود أهداف كثيرة دون معرفة القواسم المشتركة بينها، وبسبب ذلك كانت معرفة العلاقات بين الأهداف أهم من معرفة خصائصها منفردة، مما يقتضي دراسة عناصر الأهداف مجتمعة؛ للوصول إلى منهجية متكاملة مترابطة.
هل يمكن تغيير أهدافنا لأيّ حدث؟
الذي أستطيع قوله بأن الأهداف يجب أن تكون ثابتة لمرحلة زمنية مناسبة لتحقيقها، فتغيير آرائنا مع كل حدث طارئ يرجع لعدم وجود قاعدة أساسية نرتكز عليها، وهنا لا بد من التفريق بين أمرين مهمين: التطوير والتغيير، فالتطوير هو الحفاظ على الهدف مع محاولة تنميته، وأما التغيير فهو القضاء على الهدف واستجلاب هدفٍ آخر عادة ما يكون وليد اللحظة، دون دراسة عليه أو معرفة بمآلاته.
أكاد أجزم أنه لا نجاحَ لعملٍ إن لم تكن له أفكارٌ ثابتة، وخطط منتظمة، وتقييم واقعيّ خارجيّ مستمر، ولا يمنع ذلك تطوير الأفكار الثابتة، وإنما الممتنع تغيير الأفكار مع كلّ حدث، وليس تطوير الفكر عند حدوث حادث.
إنّ صحةَ النتائج موصولةٌ دائماً بوضوح الأهداف والعمل على تحقيقها.