مع الخيل ياشقراء
رقية بنت عديم الفورية
يضرب هذا المثل «مع الخيل يا شقراء» للشخص الذي ليس له رأي وإنما يسير مع الركب ومع آراء الأخرين سواءً كانت سلبية أو إيجابية، كما أنه لا يتعب نفسه في البحث والتحري عن مصدر المعلومة أو صوابها وإنما جلّ همه تحويل ونقل الرسايل من موقع لآخر عبر الفضاء الإلكتروني وبشتى الوسائل، وبعضهم تأخذه الحماسة أكثر من صاحب الفكرة والرأي نفسه فيتبناها ويركض بها بكل جهد.
أمر غير محمود، ويطلق المثل عند تبادل أفكار أو رأي يحتاج التحدث عنه بمصداقية، وبفكر ناقد بنّاء لحل مشكلة أو الوقوف على جوانبها. تجد البعض يقف مع رأي وهو لايدري عن مصداقيته وانما يقف مدافعاً ومتبنياً لرأيٍ دون دراية أو بصيرة، وله قصص اختلف العديد في عرضها، ويستأنس بها، فقد كان لأحد الفلاحين بقرة شقراء، وكان أهل الخيل يطلقون خيولهم في (مركاض) الصباح فترة ثم يعودون بها، فرأى الفلاح أن تشارك بقرته مثل هذا (المركاض)، فكان يطلقها لتركض مع الخيل قائلاً: مع الخيل يا شقراء.
كان هدف أصحاب الخيل مختلفاً، والبقرة لا تتوافق مع أهداف خيولهم التي تعد أصلاً للسباق واللقاء والحروب بينما البقرة يضرها ركضها أصلاً مع الخيول.
يوجد جماعة لا يستهان بها من التويترين الذين يتوترون صبح مساء مع أي فن وأي علم فهم مع الطب أطباء عارفون ومع السياسة ساسة محنكون ومع الأرصاد الجوية مذيعون محللون ومع التجار باعة متجولون فلا أعلم أهم حالاً ثابتاً أو علماً نافعاً إلا أنهم ينقلون الإشاعة من هنا وهناك وكما يقال مع الخيل يا شقراء أينما ذهبت.
ما هكذا هي الحياة فما يصلح لغيرك قد لا يصلح لك، والتدخل المستمر غير المدروس يهوي بصاحبه وينزل من شأنه وقدره إذا لم يتثبت ولو قليلاً عن صحة المنقول وإن كان لا بد من فعله، فليتريث قليلاً ولا يسابق في النقل لكي لا يكون محل لائمة وموقع إحراج فإن صدق فلا أحد يثني عليه وإن كذب سقط من أعين الناس. ليشفق كل إنسان على حاله ولا يطأ موطئاً إلا بعد أن يتثبت السلامة في موضع قدمه.