وفاء المالكية
“وا إسلاماه ” صاحت بحرقة قلبٍ ودموع عينٍ ولم تتزحزح الجيوش الاسلامية شبراً، أعتذر أماه؛ فالمعتصم قد مات، الصلت بن مالك قد رحل، ولم يُولد فينا صلاح الدين مرة أخرى، أماه لم يبقَ لدينا أحد نعتز به سوى الكبير المتعال .
زهرة المدائن تنزف وعيوننا تبكي حرقةً عليها، وقلوبنا تستطعمُ معنى العجز. قدسنا استقبل إعتذارنا اليوم ؟ أقسم لك بأن أجسادنا هنا وقلوبنا وأرواحنا بين ساحاتك ترابط بقوة، أصوات القنابل والرصاص هناك كأنها تخترق صدورنا ونحن هُنَا، تكبيرات أبطالك نسمع صداها هاهنا، أستعذر عجزنا؟ وتغفر ضعفنا؟. نعتذر بأننا سمحنا بهذا الإغتصاب، نعتذر لأننا تناسيناك حيناً من الدهر وجعلناك شيئاً لم يكن مذكوراً. سلاماً وأماناً قدسنا الجريحة، سنضمِّد جراحك غداً ونلبسك حُلة العروس عند تحريرك، سنرفع الرايات علناً، ستكبِّر بلاد العُرب من أقصاها إلى أقصاها، سلاماً مسرى حبيب الله ومسرانا غداً، سلاماً عرسان الشهادة، هنئتم بالجنة، وسلامٌ قولاً من ربٍ رحيم.
غزة تحت القصف، والله بل قلوبنا التي تُقصف، الأقصى مُحاصر، والله إن أرواحنا المحاصرة بين أضلاعنا المعوجّة. صيحاتكم أبطال الإسلام في آذاننا ترن، تكبرون و تهللون وسط أزيز الرصاص، “اللهُ أكبر ” فوق المعتدي، “الله أكبر” فوق كل متكبر، أيعجزُ الكبير من نصرتكم؟ حاشاه واللهِ، الكبير الذي فرق الأحزاب وهزمهم، و زلزل الأرض من تحت الظلّام، أيعجزه بني صهيون؟ حاشاه العزيز المتعال.
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (47)}-سورة إبراهيم.
القدس ستبقى، وستبقى فلسطين حرة أبية، وسيبقى المحتل سارقاً، وهل يملكُ السارقُ ما سرق؟.
حبيبتي فلسطين؛ الله معكِ فوق كل معتدِ، معك الكبير القادر الذي فرّق وهزم الأحزاب، معكِ الذي لم يغفل لحظة عن أنين جرحاكِ وزفرات شهدائكِ ودموع بناتكِ الصامتة الصامدة، معكِ الذي يحبكِ ويحرسك بعينهِ التي لا تنام، معكِ الممهل وليس المهمل، الذي يقويكِ ويصقلكِ “للنصر العظيم”، الذي سنهتف فيه جميعاً “اللهُ أكبر كبيرًا” . فصبرٌ جميل أقصانا ومسرى سراج أمتنا، {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) }- سورة يوسف- وغداً بإذن الجبار ستصدح مآذننا؛ { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} سورة الفتح.
