هل ما زال للعيد فرحة؟!
ريحاب أبو زيد
أيام قليلة وينتهي شهر رمضان المبارك، ونقف على أعتاب عيد الفطر المبارك. الفرحة التي ينتظرها الفائز من شهر رمضان، فللعام الثاني على التوالي يكون العيد استثنائياً بسبب كورونا الذي أثّر على العالم بأكمله، وقد أبعدنا عن بعض العادات التي تشعرنا بالفرحة والسعادة فهنا أتساءل هل ما زال للعيد فرحة؟! نعم، للعيد فرحة، فيلقي علينا نسائمه الروحانية؛ ليغمرنا بفرحة سعينا لها في شهر رمضان الفضيل، العيد فرحة لكل من اغتنم الشهر الكريم وصام وقام واجتهد وزاد اجتهاداً في العشر الأواخر. العيد فرحة، نعم فرحة بالرغم من كل ما يحيط بنا فنحن من نجعله فرحة، فالاستعدادات للعيد كفيلة أن تنثر فينا الفرحة، بدايةً بتحضير ملابس العيد للأطفال، والعيدية وحلويات ومأكولات العيد، حتى لو كان في حدود المنزل والعائلة، كل هذا يجب أن نجعله فرحة لتصل لمن حولنا وخاصةً الأطفال.
بالرغم من أنه لا يوجد زيارات عائلية أو سفر ؛بسبب كورونا إلا أنه سبب في فرحة بعضهم فكم من أفراد أسرٍ اقتربوا من بعضهم بعضا في هذه المحنة (وأنا أطلق عليها منحة) وازدادوا ألفة وترابط، فاقترابنا من بعضنا فرحة، وجعل المحن منح فرحة، فسأظل أقول أنّ العيد فرحة وبأيدينا نجعله فرحة، فالظروف التي تحيط بنا ليست هي ما تسبب الفرح أو الحزن، ودليل على ذلك: قبل كورونا كانت الظروف من حولنا جيدة فكان هناك سفر ورحلات، ولكننا نشعر باضطراب وحزن ولا نشعر بالفرح، لذلك نحن من نتحكم في مشاعرنا وليس العكس، فقط نقرر أن نفرح بالعيد ونُفرح من حولنا من أطفال وكبار، فالعيد جُعل للفرح والسرور، لا لتجديد الهموم والأحزان، فعن عائشة رضي الله عنها: “رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني، وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمرُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعهم، أمنًا بني أرفدة)”.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: “دخل أبو بكر، وعندي جاريتان من الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا بكر، إنّ لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا))”.
العيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، والعيد في معناه الإنساني رحمة الغني بالفقير ، والعيد في معناه النفسي الطريق الفاصل الذي وصل إليه الصائم وفاز وأصبح من المغفور لهم، ورسم طريقاً صحيحاً يسير فيه لإرضاء الله تعالى ففي كل هذا فرحة. يجب أن نعي جيداً ثقافة الفرحة، فالفرح ثقافة يجب أن نتعلمها ونبتعد عن مظاهر الكآبة والحزن، ونجعل ثقافة الفرحة هي التي تسيطر على أفكارنا لتبعث الإيجابية في نفوسنا وتحول المشاعر السلبية إلى فرح وسعادة، فيجب أن نغمر أنفسنا بتفاصيل العيد المبهجة الصغيرة قبل الكبيرة ولو في أضيق الحدود، ونمحوا من عقولنا الفرحة الغائبة، فالسعادة لا تحتاج غير القرار، والتحكم في الأفكار وتوجيهها إلى الأفكار الإيجابية. اعلموا أنّ الفرحة لا تحتاج إلا لقلوب صافية وشفاه مبتسمة ونفوس راضية لنقول أن بالرغم من كل ما يحيط بنا ما زال للعيد فرحة.
افرحوا قلوبكم فقد أنهكتها مطبات الحياة، وارسموا البسمة على شفتيكم فلن نعيش مرتين.
كل عام وأنتم بخير .