الشوق إلى جدي وجدتي رحمهما الله..
فاطمة البلوشية
اشتقت إلى جدي وجدتي –رحمهما الله- اللذان فارقانا في السنة الماضية، اشتقت إلى الحوار معهما حول ما كانا يفعلانه في غيابي وماذا يودا أن أعمل لهما؟.. ، اشتقت إلى عتابِهُما لي عندما أطيل في غيابي قائلين: “ما تمرون صوبنا”؟. والموقف الذي لا يزال عالقًا في ذهني منذ أن كنت في العاشرة من عمري إذ كان في أيام حصاد التمر من المزرعة في الصيف الحار وإذا بِنا نضرب شجرة الأمبا-المانجو- لنحصل على الحدال- المانجو الذي لم يصل إلى مرحلة النضج- فسمع جدي صوت ضحكنا وإذا بمناداتنا بعصبيته المعهودة حول أشجار مزرعته: “ايش تسوون بجي وبضربكم” فنهرب خائفين إلى منازلنا حتى يأتي المساء حاملًا معه كيس من الأمبا لمراضاتنا
فجدي- رحمه الله- الذي توفاه الله تعالى جراء الفايروس الذي انتشر في بقاع العالم ولا يكاد بيت سَلِمَ منه. إنه فايروس كورونا الخبيث العديم الرحمة الذي أودى بحياة جدي-رحمه الله- إلى الممات. ففي صباح يوم الجمعة فُجِعنا بوفاته مُتسائلين: كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ حقًا كانت صدمة ليست بالهينة مع أنفسنا. وفي تلك اللحظة ليس من الجدوى إلا التسليم لقضاء الله وقدره والدعاء له.
أما جدتي-رحمها الله- التي كانت لا تزال على قيد الحياة ومقعدة على السرير طوال الخمسة عشر الماضية لم يكن بمقدروها إلا الصمت وتحريك عينيها وكأنها تنتظر قدومه، وعندما سمعت بالخبر قالت : -وكلمتها لا تزال في أذني- : مات علي؟ بصدمة أبقتها صامتة صامدة لمدة شهرين من وفاته ثم تعبت ونُقِلت إلى المُستشفى وفارقت الحياة بعد يومين.
حقًا… قد عشنا أيام تختلط فيها صدمة الفراق وحزن الممات وذهاب الأحبة، ففي صباح أيام العيد إلى من نذهب لنسلم عليه؟ ومن منْ نطلب النصيحة المُثلى؟-أطال الله في عمر أمهاتنا وآبنائنا- نصيحتي لكم يا أيها الأحبة أن تصِلوا أرحامكم قبل وفاتهم والتحدث معهم قدر المستطاع؛ فالوداع الأخير سيبقى عالقًا في ذهنك ترويه لأبنائك ولأحفادك هل كان وداعٌ مكتئبٌ بالندمِ قائلًا في نفسك:” .لقد ألهتنا الحياة وما فيها ونسينا أن نصل أقاربنا قبل فراقهم”،أم كان وداعًا يحمل في طياته الإنتظار للقاء في الجنة-باذن الله-
أيُّها الشباب .. المنغمسون في أعمالكم و أهدافكم العلمية اجعلوا يومًا من الإسبوع تزورون فيه أقاربكم وأجدادكم، تحدثوا معهم، واجعلوا من أنفسكم طاقات إيجابية تحمل معها السعادة أينما حلَّت؛ فالوقت ينجلي، وعمر بني آدم من وقته والعمل لن ينتهي.