قضية في الرأي العام
سلطان بن حمد البوسعيدي
إن من القضايا المهمة التي تواجهها الحكومات والدول والتي تثير الرأي العام دائماً هي مسألة الباحثين عن عمل، وهي قضية مهة إذا تعمقنا في طرحها، وربما أعادة طرحي لهذا المقال لوضع مقترحات يمكن تتطبيقها على أمر الواقع؛ وهي إيجاد شراكة بين ثلاث جهات أو أطراف.
أولاً: أن يكون الباحث عن عمل جاد في السعي لأيجاد لقمة عيشة أو وظيفة يحصل على مدخول شهري منها، وهذا يأتي بعد تغيير وجهة نظر الشباب عن الوظيفة الحكومية التي يترقبها.
ثانياً : أن يكون هناك جهات أو أشخاص أصاحِب أفكار تكون أقرب للواقع وبالأمكان تطبيقها في السوق المحلي، وذلك على مستوى الفرد الباحث عن عمل.
ثالثاً : تهيئة الجهة الممولة ولا يشترط بنوك التنمية وغيرها من المؤسسات الربحية، بل لا بد من وجود المسؤولية المجتمعية التي تساهم في إيجاد تمويل مثل الأهل، والأقارب، وأصحاب الوظائف العليا، والتجار و غيرهم. وبما أن منصات التواصل الأجتماعي أصبحت في متناول الجميع وبالأمكان تسخيرها لنا في أيجاد أو البحث عن أشخاص أو ممولين، أو طرح الفكرة أو بحث عن وظيفة، فالبرامج الموجودة يمكن ربطها و تسلسل العملية و إكمال الحلقة المفقودة في مشروع ما.
هذا إذا تم بالفعل أشتراك بين هذه الفئات الثلاث سوف نجد طريق للنجاح و الخروج من تراكمات الباحثين عن عمل، سواء كانو خريجين المدارس الثانوية العامة أو الخريجين الجامعيين بشتى التخصصات.
إن البحث والسعى بشكل مستمر والإمتنان والثقة بالله من قبل الباحث عن عمل سوف يجد له وظيفة، لأن عقل الأنسان يجذب الشيء الذي يريدة، والعمل في مهنة ليست هي المرغوبة التي تبحث عنها ربما يبطىء الحماس الذي بداخلنا، لذلك يجب أن نحاول ونمارس المهن، وأن نكون قرب الميول والشغف الموجود معنا، فهو الذي يساعد على النجاح في تحقيقه، وأيضاً السعي قدر المستطاع لتحويل الهواية إلى عمل.
لقد منَّ الله على بلادنا الحبيبة بخيرات وفيرة وكثيرة في مختلف الجوانب، والتي دخلت عليها الصناعات التحويلة والتقنية والثروة الصناعية الرابعة، التي أضافت عليها طاقات إنتاجية كثيرة.
لكن قد نجد هناك تباطؤ في النمو الإقتصادي الذي أثر سلبًا علينا بشكل مملوس، مع محاولة الحكومة في السعي بتوفير الحماية المجتمعية من هذا التباطؤ من خلال الإجراءات والخطط التي اتخذتها والمستمرة فيها، إلا إن هناك تحديات كثيرة تتضارب مع الواقع والخطط والرؤى المطروحة في مستقل البلد، وما يتمناه المواطن وأحلامه المنتظرة التي ترسمها الأجيال الناشئة، فيجب عليها أن تغيرها وتجعلها تتواكب مع متغيرات ومعطيات العصر، كما أن هناك ثقافات جديدة تدخل معنا تمارسها الأجيال الحديثة، والتي سوف تغير موازين التوظيف، فربما بعض الوظائف سوف تتلاشى، على سبيل المثال بعض المؤسسات كانت تعتمد على تخليص المعاملات يدوياً؛ مثل البنوك التجارية، وطرق تعمالنا معها والآن أصبحنا تدريجياً نتعامل مع التطبيقات والبرامج المتوفرة على الألواح الذكية لإنهاء المعاملات، وهناك كثيراً منها في المجتمع والذي بلا شك مستقبلاً سوف يتعتمد على هذه البرامج في تخليص المعاملات.
إن لكل زمن أدواته وطرقة في التعامل معه، فيتطلب علينا كمجتمع العمل في فريق وليس كفرد في الحياة.
أن في المرحلة السابقة كانت هناك بعض التغيرات لهيكلة بعض الوظائف، وبعض الإجراءات التي اتخذت لعملية التوازن المالي؛ مما تسبب في إحالة فئة كثيرة إلى التقاعد بمختلف الوظائف، وهناك بعض المتقاعدين وصلوا لمرحلة النضج بعد السنين والخبرات المتراكمة، والبعض قد حصل على كم وفير من المعلومات والدراسات العليا التي أوصلته لمرحلة أدارة المؤسسة التي كان بها. فهذه الكفاءات التي خرجت للتقاعد لا يجب تهميشهم في المجتمع، بل يجب استغلالهم ليكونوا كمستشارين، وكمفكرين، وكمراجع يستافد منها.
وللإستفادة من هذا الطرح أقترح أن تكون هناك جهات مسؤولة من الحكومة مختصة تقوم بالبحث عن هؤلاء المتقاعدين، والعمل معهم وإشراكهم في البحث عن الحلول المجتمعية التي تمر بها البلد، وأن يعمل هذا المتقاعد مع الباحثين عن عمل في إيجاد حلول متشركة بينهم في البناء والتعمير، ومواصلة ما تعلموه والمُضي قدماً في مستقبل مشرق بإذن الله، قال تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى}- سورة النجم 39.