د. فاطمة تقي الدين إن الفرحة بقدوم شهر رمضان المبارك، و ما تحمله أيامه و لياليه من فيض الرحمات و الخيرات، و التقرب لرب الأرض و السماوات عظيمة بقدر عظمة طموح الصائمين في بلوغ المغفرة و الرحمة و العتق من النيران . فصيام هذا الشهر الفضيل يُعد بمثابة متنفساً روحياً و بدنياً كلٍ على حد سواء. إلا أن هناك بعض الصائمين يُرجعون ما يشعرون به من الخمول و النوم و ضعف في الأداء الذهني، بل و أحياناً سرعة إنفعالاتهم إلى تأثير الصيام عليهم. و لأن الصيام برئ من كل هذه الظنون جملةً و تفصيلاً، إسمح لي أخي القارئ الكريم أن أشاركك غيض من فيض قام به باحثين أجلاء في موضوع الصيام، و أثره على الجسم بشكل مختصر. فهناك بحث قام به مجموعة من الباحثين في المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم بجامعة الملك سعود، و كانت نتيجته هي أن الصيام يزيد من إفراز مادة الأوركسين و التي تُعد من النواقل العصبية المنوط بها التوازن بين النوم و اليقظة، مما يزيد من اليقظة لدى الأفراد الصائمين في فترات النهار (1). كما أجريت دراسة مفادها أن الصيام يحمي خلايا المخ من التلف؛ و ذلك من خلال التصدي لتأثير بعض المواد الإلتهابية السامة التي تم حقنها في حيوانات التجارب، و التي تم إخضاعها لنظام الصيام المتقطع لمدة ثلاثين يوم على التوالي(2)، و للصيام دور هام في رفع كفاءة الجسم و مقاومة العدوى البكتيرية المسببة لبعض الأمراض كالسل الرئوي، و ذلك من خلال زيادة عدد خلايا الدم البلعمية (3). كما أن للصيام المتقطع دور هام في تعزيز الإستجابة المناعية و الوقاية من الأمراض ذاتية المناعة، و أيضا مهاجمة الخلايا الهرمة و التالفة و إنتاج خلايا جديدة (4). و يوضح لنا خبراء التغذية و الباحثين المتخصصين أن مسألة الإجهاد و التعب و قلة التركيز و ربما الإنفعال، كل ذلك يرجع لسببين رئيسيين؛ أولهما هو عدم أخذ القدر الكافي من ساعات النوم ليلاً و الذي له تأثير سلبي على اليقظة و الحالة الإنفعالية و قلة التركيز. و ثانيهما هو عدم اتباع نظام صيام صحي، و الذي يشمل نوعية الأطعمة و المشروبات التي يتم تناولها بدءاً من وجبة الإفطار و إنتهاءً بوجبة السحور، و كذلك عدم ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم. و بالنسبة للأطعمة الموصي بها للصائمين و لها فوائد صحية عظيمة، نجد أن التمر يحتل مركز الصدارة و قد ورد ذكره في هدي المصطفي صل الله عليه وسلم عند الإفطار، و أيضاً عند السحور فقد قال رسول الله صل الله عليه و سلم: "نعم سحور المؤمن التمر" (رواه أبوداود و صححه الألباني)، كما نجد أن للفاكهة الجافة العديد من الفوائد الصحية لما تحتويه من نسبة عالية من الألياف و الكالسيوم و البوتاسيوم والفوسفور لكفاءة الجهاز الهضمي، و تقوية العظام، و حماية عضلة القلب، و تنشيط خلايا المخ على الترتيب. و من الجدير بالذكر أن تناول الخضروات الورقية و طبق السلطة و المشروبات الطبيعية، مثل التمر هندي و قمر الدين و العصائر الطازجة و اللبن الرايب لها فوائد عديدة في الشعور بالشبع، و إمداد الجسم بالفيتامينات، و كذلك تقليل الشعور بالعطش طوال ساعات النهار. أما ممارسة الرياضة البدنية فتكون ذات فائدة عظيمة من خلال تنشيط الدورة الدموية للجسم و صفاء الذهن، و من الأفضل ممارستها بعد صلاة التراويح بساعة أو قبل السحور بساعتين. إن الحديث عن الصيام وعن فوائده المتعدد أمراً لا يمكن أن توفيه سطور مقال، لذلك أختم كلماتي بطيب تهنئتي لجموع الصائمين بهذه المنحة العظيمة، و أسأل الله أن يتقبل منا و منهم أجمعين .. آمين د. فاطمة تقي الدين أستاذ مشارك - جامعة عين شمس / جامعة القصيم. 1- https://www.alriyadh.com/1756911 2-https://link.springer.com/article/10.1186/1742-2094-11-85 3-https://www.semanticscholar.org/paper/Effect-of-Ramadan-Fasting-on-the-Ability-of- Serum%2C-Lahdimawan-Handono/f2c915a812175e2f362c53d5d033d84fec3acb6a 4-https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0303720717300552