خطورة تجمع العمالة الوافدة في الأحياء السكنية
أحمد بن سليم الحراصي
Al.aast99@gmail.com
نحن هنا لا نعرض مشاكلنا الخاصة في هذه المساحة الضيقة، ولكننا نعرض هموم مجتمعاً تؤرقه مضاجع نومه، نعرضها لكي تلقى لها حلا ونهاية مقبولة، هي مشاكل قد تبدو في الوهلة الأولى أمرا لا يجب الالتفات إليه وأن نسيانه واجب لكي لا تضيق علينا المشاكل وتتسع الفجوة، ولكننا للأسف ليست لدينا الرؤية الثاقبة التي تكشف لنا ماذا يُخبي لنا الزمان، نعم ماذا يُخبي لنا عن ذلك العامل الوافد الذي أسكناه معنا في حيِّنا؟ ، أن نقرأ ما يدور في عقله، أن نراقب تحركاته، أن نقرأ كل صغيرة عمل أو كبيرة يقوم بها، أن نقرأ يعني أن نرى ونسمع؛ فالقراءة ليست محصورة في كتاب بل تتعداه لتصل إلى قراءة الكون كله، المساحات الشاسعة من الفضاء الرحب، الرؤى المستقبلية، التأمل والتفكر في واقع الحياة هي القراءة التي نستطيع أن نحس بها عندما فقط نطلق العنان لبديهتنا.
دائما ما كنت أشاهد المسلسلات التي تعنينا في حياتنا، مسلسلات دائما ما كانت تحاكي واقعنا المرير ولكن دائما ما تنبهنا أن لكل مشكلة حل وحلها يكمن في صمودك وأن تقف وتفكر لتصل إلى نتيجة؛ فالدرس من كل هذه المسلسلات لأصحاب الضمائر والعقول البصيرة التي تحس وتجس، فعندما يأتي أحد الأغراب إلى قبيلة ما (حي) ليحط رحاله فيها ويبني عمود خيمته ليشاركهم جواره، قد يرضى به بعضا منهم وقد لا يرضى به آخرون ولكن القرار الأول والأخير يعود لسيد القبيلة وزعيمها، ورغم حسن الضيافة واحترام مبادئ الجوار، لكن الغريب غالبا ما ينكر هذه المعاملات فيكشر أنيابه باسما ضاحكا والغيظ يغلي أمعائه الذائبة؛ لأنه أتى لغرض ارتكاب رذيلة ما، سرقة كانت أو فتنة أو تجسس، لذلك دائما ما يبدأوا البحث والتقصي عن حياة هذا الشخص في أول شكِّ ينتابهم تجاهه ثم تجد هناك من يدافع عنه، وهناك المُشكك وبعضهم المُطبل الذي لا يستطيع أن يرى من حوله من المشكلات التي بدأت وتكاثرت ساعة وجود هذا الكائن الذي يعيش بينهم، ولكن الساعي وراء اجتثاث المشكلة لا شك بأنه سيجد سببا لمشكلته وعلى هذا السبب تنتهي المشكلة بقطع الرؤوس التي أطالت عنقها بالنظر إلى ما هو محرم عليها، فتنعم القبيلة باستقرارها وأمانها.
إن هذه الحبكة الدرامية من المسلسلات تحكي واقعنا الذي نعيشه، فما بين أحيائنا البسيطة، أناسٌ كنا نحسبهم جيراننا نِعم الجيران، ولكن ساعة رحيلهم عن قربنا نسوا حظاً مما ذكروا به وهو حسن الجوار وحق الجار للجار ، فعندما يغادرون للسكن إلى مكان آخر غالبا ما يتركون لجيرانهم صخبا وضجيجا، فسمحوا بتسكين أحد الغرباء وغالبا ما يكون وافدا عاملا يستأجر هذا البيت البخس الثمن في إيجاره؛ لأنهم يعرفون أن مثل هذه الأحياء البسيطة ثمن إيجار بيت فيها قد لا يتجاوز ال50 ريالا، فيترك الجار المسكين في حيرة من أمره من هذا العامل الوافد القادم، لا يعرف ماضيه ولا حياته ولا لِمَ اختار السكنى هنا؟ كلها تساؤلات لكن إجابتها غالبا ما تكون في الوقوع بالمحذور، فالعادات الدخيلة التي يمارسونها قد تبدو غريبة لهذه القرية البسيطة بعاداتها الرزينة والبريئة، ناهيك عن الإزعاج والصخب وإصدار الأصوات فلا يهدأ بال الجار ولا يستطيع الركود للنوم بأمان، فلا يعرفون حقا للجار ولا احتراما لحسن الجوار، وسهرهم طوال الليل واكتظاظ منزلهم الصغير بالضيوف الذين غالبا ما يقدمون للسكن معهم فتتكدس العمالة الوافدة في منزل واحد قد لا يتسع إلا لعدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة في حين أن أعدادهم عشرة وعشرة وتسعة بعدهم قابل للزيادِ، فتتراكم الأوساخ نتيجة قلة النظافة، وما بعد قلة النظافة هذه إلا الأمراض، فتتمدد لتشمل الحي بأكمله فاكتظاظهم وازدحامهم فيما بينهم ناتج عن قلة ما في اليد من مال، فالعشرة يدفعون خمسة بالشهر الواحد والعدد في تزايد حتى يدفع الواحد منهم ما يعادل الثلاثة ريالات شهريا وهذه الزيادة في منزل ضيق لا تأتي بخير أبدا، ومن الشر فيها الأمراض الفتاكة كالفيروسات التي انتشرت في الآونة الأخيرة ومن بينها كوفيد19 وهو مرض عاشق للركود والزحام وطالما هو كذلك فهذا يعني بأن الحي أو القرية التي يعيشون في أحد بيوتها في خطر محدق.
هذا القليل الذي تكلمت عنه، فالكثير الخطير يكمن في خطورتهم للنساء والأطفال، اعتداءات على النساء وتحرشات في الحي، تعليم الأطفال عادات يكبرون عليها فتفسد العائلة لتشمل المجتمع ثم الحي بأكمله وهذا فقط نتيجة هذا الدخيل الذي سمحنا له بالمكوث بيننا دون معرفة سوابقه ودون الإبلاغ عن أية مخالفة أو إساءة نتعرض لها من قبل هؤلاء الشرذمة من الناس، السرقات والجرائم التي ترتكب لا تأتي إلا من هؤلاء العمالة، فجرائمهم التي ظهرت وانتشرت في الأوقات الحالية خير دليل ينبهنا بأن الحذر واجب، فالأغلب من هؤلاء أصحاب سوابق إجرامية وما خفي كان أعظم، فالجار الذي عرفته منذ نعومة أظافرك وكنتم معا في الخير والشر حاشا أن يكون كذلك، فهذه الصفات لا تأتي إلا من أؤليئك الذين يفتقدون للمبادئ وتكوين العلاقات، علاقات الجار بجاره والحق والواجب معا.
كذلك سكناهم في البيوت الأثرية التي يعود إنشائها إلى أكثر من ثمانين (80) عاما وهي إرث حضاري لا يمكن المساس به وتوجد جهات معنية لها حق الرعاية بهذه البيوت فلماذا هذا التدمير للتراث الحضاري؟ هذا لأننا نسكت ولأننا طيبون بما فيه الكفاية، فهذه شيمة العماني نفسه ولكنها قد لا تجدي نفعا في مثل هذه الحساسية التي لا يقبلها عقل ولا منطق، كان ينبغي علينا أن نتعاون في الإبلاغ عن أية مخالفة فيها تعدٍّ لمثل هذه الموروثات الحضارية؛ لأن بقائها يعني بقاءنا واحترامنا لعاداتنا وتقاليدنا وتقدير أعمال أجدادنا السابقين، فالعماني الأصيل هو الذي يحافظ على أصالته وطرافته ولا يسمح لأي كان من هؤلاء العمالة أن يدمروا عمل السنين والدهور ، فمثل هذه الموروثات الحضارية بإمكاننا أن نحولها إلى نزل تراثية فالتجربة في نزوى خير برهان لنا، ما يعود بالنفع والرادَّة العامة لجذب الاستثمار السياحي، فمثل هذه البيوت الأثرية تكون محط أنظار الكثير من الزوار المغامرين والذين يعشقون التغني بالماضي التليد ومحاولة استحضار شيءٌ من الماضي، فالمبيت فيها ليلة واحدة هي متعة ومغامرة لعشاق التاريخ، هي كنوز خالدة وإرث بناه لنا الأجداد لكي نستغله ويُفيدنا وحان وقت استغلاله كدخل اقتصادي للدولة، لذلك يجب أن نحافظ عليها وأن نؤمنها من التلف والاندثار الناتج من السكن الغاشم لهذه البيوت المهجورة من قبل هؤلاء العمالة الوافدة.
لذلك أقول أن نتيقن تمام اليقين قبل أن نسمح لوافد أن يكون بيننا، أن لا نسمح لعامل وافدٍ أو غريبٍ ليس لدينا علما عن ماضيه وحياته التي عاشها من قبل أن يقطن بيننا، أن نبلِّغ الجهات المعنية بوجود أية مخالفة غاضا الطرف بذلك عن إبلاغك لصديق أو زميل لم يستجب لتحذيرك له، انقذ نفسك أولا وقريتك التي تعيش عليها ثانيا، فأنت ورثتها من آبائك وأجدادك وسترثها لأبنائك والتابعين من بعدهم، لذلك قم بما يمليه لك ضميرك وتفكيرك وانقذ عشيرتك، قد نستطيع أن نتجنب الكثير من الخطورات التي من شأنها أن تحصل، فعندما تكون جارا كن أخا، كن رفيقا حتى بعد رحيلك لا تترك منزلك مستأجرا لهذه الفئة من الناس، فإسكانهم في الأحياء التي يعيش فيها المواطنين نتحملها نحن أنفسنا كمواطنين، فنحن من سمحنا لهم بذلك، ولكن وجب علينا أن نستيقظ من السبات فهؤلاء يهددون التركيبة الاجتماعية ووجودهم بكثرة في القرى التي يسكنها مواطنون له حساب لن يتقبله أحد، فقد يقول بعضنا نحن جلبناهم للعمل معنا فلماذا لا نسكنهم معنا؟ أو (وين تباهم يسكنوا يعني؟؟)، إذا أردنا أن نجد الإجابة فهي سهلة فقط علينا أن نتحد ونتعاون في عدم السماح لهم بالسكنى في أحيائنا وبعدها تستطيع الحكومة أن تجد حلا طالما أن بلدية مسقط حذرت بخطورة تسكينهم فهذا يعني أن الحل موجود بأيديهم، لذلك اسمحوا لي بأن أقول لكم فقط التزموا ما تمليه عليكم البلديات والحكومات ولا تتبعوا أهوائكم وضمائركم الشميمة فهي لا تنجع في مثل هذه الأحوال.