عذراء المياحية
قبل قليل، كنتُ أتصفح يوميات الأصدقاء، فأجد تهاني الأبناء للأمهات؛ أرى الزهور والقُبلات، والكلام والأبيات،
شردتُ لوهلة،
تخيلتكِ ابنتي وأنتِ تقبّلين رأس أمك، وتحضنينها وتنشري حولها الورود، وتقولي بأجمل صوتٍ لكِ كل عام وأنتِ العيد يا أمي.
لكنكِ،
ما زلتِ بعيدةً جداً عن ذلك الأمر، ما زلتِ صغيرة وطفلة رضيعة، وما زلتُ صغيرة أيضاً عن ذلك اليوم الجميل الذي تقبّليني فيه.
إيمان الجميلة،
لقد حرصتُ وأبيكِ على تسميتكِ بالشيء الذي نريده أن ينغرس فيكِ، ولذلك اتفقنا منذ أن كنتِ جنينا في الأحشاء.
وُلدتِ حقاً، وكان أجمل ميلاد، لم أستشعر معنى الأمومة باكراً، فلقد وصل إليّ متأخراً جداً، لكنني كنتُ حريصة كل الحرص أن أسجل يومياتكِ معي كلها، فكان أجمل ما سُجِّل.
رأيتكِ تكبرين وأنتِ بين يديّ، تنقلبين، تتحركين ثم تَحْبين وأخيراً تمشين.
رأيتكِ بكل الحالات، وشهدتُ معكَِ خطوات الأكل والتطعيم، انتظرتُ كلمة ماما كثيراً، وانتظرَ أبيكِ ذلك أيضاً ، فرِحنا وما زلنا نفرح بكل خطوة، حركة، كلمة وضحكة.
فكنتِ وما زلتِ الفرحة التي تجمعنا معاً، الفرحة التي تربطنا كثيراً، الفرحة، الخوف، الراحة والشقاوة وكل شيءٍ أصبحتِ ترتكزين أنتِ عليه.
لا أُخفي عليكِ، لقد تمنيتُ أن تشبهي أباكِ في كل شيء، ظاهراً وباطناً، عقلاً وقلباً، روحاً وجسداً، كنتُ كثيراً ما أقول له أريد أن أقتني نسختك، فكنتِ نسخة أبيها.
أيا إيمان،
أعترفُ لكِ أمام زمرة القرَّاء أنني مختلفة عن باقي الأمهات، فلستُ أملك اللطافة دوماً، ولستُ من ذوي الحنان دائماً، ولستُ تلك القلقة في كل وقت، فلقد اتصفتُ بطمأنينة غريبة بعض الشيء؛ فكلما كنتِ حولي فأنا على يقين أنكِ بخير، حتى وإن تدحرجت بين الرمال، ودُرت بين كل الجهات، حتى وإن غمستِ نفسكِ ف الحلوى، ورميتِ حذاءكِ على الأرض؛ فكلّي اعتقاد بأن تلك هي الطفولة حقاً؛ فلم أرِد مقاطعة متعتكِ أبداً.
فلقد أرى جلَّ تركيزي هو عقلكِ، بُنيتكِ، روحكِ البريئة، وهذا ما أردتُ تحقيقه فعلاً، وسأناضل من أجل ذلك مهما كلفني وأبيكِ الأمر، سأسعى لأنْ تكتشفي مواهبكِ، قدراتكِ، وكل إمكانياتكِ، سأسعى لتطوير ما تميلُ إليه نفسكِ ويختارهُ عقلك، ويبتغيه قلبك.
سأسعى كثيراً من أجل أن لا يُخِيفُكِ أي أمر، من أجل أن تكوني فتاة قوية لا تخجل من قول الحق إذا طُلِب ولا من قول لا في أمر لم ينال من قلبك شَغَف، سأسعى من أجل كيانكِ النَّفسي، من أجل قوة قلبك وشجاعة منطقك وتمسكك بكل ما تقَودك إليه عزيمتك..
أحبك كثيراً
أمكِ
21 – 3 – 2021