2024
Adsense
مقالات صحفية

الإدارة التكاملية للأفلاج مطلب مهم

خلفان بن ناصر الرواحي

تزخر بلدنا المعطاء سلطنة عمان بالعديد من مصادر المياه لريّ المزروعات بشتى أنواعها، وأهم هذه المصادر الحيوية القائمة منذ القِدم هي الأفلاج والعيون، وهي الرافد الرئيس والعصب لنمو القطاع الزراعي في البلاد، إلا أننا ما زلنا نعاني من عدم وجود منظومة تكاملية للمحافظة على بقائها وحمايتها للبقاء صامدة كما كانت عليه سابقاً، ويعود ذلك إلى تشعّب المسؤوليات لِما قبل إعادة الهيكلة للجهاز الإداري لِما قبل عام ٢٠٢١م، وكذلك لبعض العوامل الأخرى المساعدة على التأثير على البقاء والديمومة، وسوف نتطرق لبعضها في هذا المقال، مع تقديم المقترحات والحلول.

من المعروف أن بلادنا هي قليلة تساقُط الأمطار وهي شبه جافة، وتعتمد اعتماداً عاماً على توفّر المخزون الجوفي بباطن الأرض، والأفلاج التي تروي المزارع في مختلف مناطق السلطنة إما أن تكون داؤودية- ذات عمق ومدى طويل- أو غيلية- سطحية- وتعتمد على توفر المياه في حالة الخصب ونزول الأمطار، إلا أنه من الملاحظ ومنذ عدة سنوات بأنها قد بدأت أغلبها إن لم تكن جميعها بالتناقص في المياه أو الجفاف التام منذ سنوات طويلة، والبعض منها تم استحداث آبار مساعدة لها؛ وهذا كله نتيجة عدم وجود منظومة تكاملية لإدارتها من قبل الجهات الرسمية بالدولة، وتشعب المسؤوليات بين عدة جهات، مما أدى إلى تطاول البعض بحفر الآبار للمزارع الحديثة التي تقع أعلى أمهات الأفلاج، ناهيكم عن الحَفر في المنازل لبعض المخططات الحديثة التي لا تتوفر بها مصادر وشبكات للمياه، بالإضافة إلى التصاريح الرسمية لبعض المزارع الحديثة والملاعب والمنتزهات والمشاريع الصناعية الأخرى.
ومنها أيضاً تأجير بعض الأراضي بغرض الانتفاع التي تتبع بعض الجهات الأخرى كوزارة الإسكان ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية الممثلة في مديرية بيت المال، أو غيرها من الجهات الأخرى.
وكذلك حفر آبار مياه الشرب للاستثمار والتوزيع المنزلي، أو لغيرها من الاستخدامات الأخرى.

كل هذه العوامل هي أساس تفاقم الوضع وتدهور حالة الأفلاج والقضاء على الثروة الزراعية في العديد من المدن والقرى العمانية التي أصبحت بعضها أطلالاً وأراضٍ بور لم تُستغل كما كانت عليه، حتى وإن نزل الغيث وعمّ الخصب في البلاد لفترة محدودة، فهاجس توقف جريان الأفلاج يظل حاضراً لدى المزارعين وأصحاب تلك المزارع التي ذهبت وتحول بعضها إلى مساكن وأراضٍ تجارية أو مخازن أو بعض الاستخدامات الأخرى المشابهة. ناهيكم عن الاستخدام الجائر واللامبالاة في الإسراف عند البعض في المزارع الحديثة التي تقع أعلى أمهات الأفلاج دون مراعاة لتغليب المصلحة العامة، فتموت المزارع العامة وتبقى المزارع الخاصة.

لهذا كله أصبحت الحاجة ملحّة لوجود منظومة تكاملية لإدارة الأفلاج، وإشراك المواطنين في تلك المنظومة فهم العصب الذي يعرف مجريات الأحداث لقربهم من حقيقة تلك المسببات، وأن يُنظر للأمر بعين الاعتبار لتغليب المصلحة العامة مهما كلف الأمر والبعد عن العواطف عند اتخاذ القرارات لإصدار التصاريح لحفر الآبار وتعميقها والتي تعدّ هي المصدر الأساس لوجود هذه المشكلة، كما ينبغي استخدام التقنيات الحديثة للمسوحات الجيولوجية لمعرفة مصادر تلك الأفلاج ومدى تأثير وجود الآبار القائمة على أمهات الأفلاج، وتقنين الاستخدام والمراقبة بنظام العدادات وربطها بمنظومة مركزية أو على مستوى كل ولاية للحدّ من الاستخدام الجائر الذي يؤثر على مصادر الأفلاج.
بالاضافة إلى حفر آبار ارتوازية للأفلاج لتكون بديلة للأفلاج الجافة والمتأثرة، وأخرى تكون جاهزة لأي ظرف يستدعي جاهزيتها لتغطية العجز أو الجفاف لتلك التي هي عرضة للتأثر مستقبلاً.

وعليه فإنه من الضرورة بمكان أن تُدرس الحلول والبدائل الأخرى التي تبقي الديمومة لثروة الأفلاج والعيون من قبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، فمن وجهة نظرنا بأن هذه المنظومة التكاملية يجب تكون حاضرة وبصفة عاجلة، وأن تُدار في كل ولاية برئاسة الوالي وعضوية كلٍّ من:
قاضي من المحكمة الابتدائية، وعضواً من وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، والجهات ذات العلاقة بمياه الشرب والصرف الصحي، ووزارة الإسكان، واختيار أعضاء مهنيين متخصصين من أبناء الولاية وخاصة من المتقاعدين الأكفاء، كأعضاء فاعلين لتقييم الوضع الحالي والخروج بمرئيات واضحة لإدارة الأفلاج والمحافظة عليها، وتقديم المقترحات بالتشاور مع أصحاب الشأن في كل مدينة وقرية من وكلاء الأفلاج والشخصيات الاعتبارية، ويكون لها مسؤوليات اعتبارية في وضع المقترحات لإقامة السدود، والخروج بنظام شامل وموحد كمشروع وطني لتنظيم إدارة الأفلاج وإصدار التصاريح لحفر الآبار وتعميقها وكل ما يتعلق بهذا الأمر من مرئيات، على أن تكون هناك إدارة مركزية تنظم هذه العملية على مستوى السلطنة تتبع وزارة الداخلية كجهة محايدة، لترفع تلك المرئيات كمشروع وطني متكامل يوضع له خطة تنفيذية وفق الأولويات من قِبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وتخصص له الموازنات كأولوية ضمن مرئيات رؤية عمان (٢٠٢٠-٢٠٤٠) ضمن مشاريع تنوع الدخل الوطني للسلطنة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights