مناطق الرستاق رافدة لكثير من الخيرات
خليفة الحسني
khalifasaif2020@gmali.com.
(الفلاجات) عندما نأتي لهذه السيرة وهذه الإطلالة الطيبة لهذه المناطق الحيوية من مناطق ولاية الرستاق الزاخرة بالكثير من الخيرات والثروات، الزراعية والحيوانية وغيرها من المحاصيل التي ترفد أسواق الولاية خاصة، والولايات المجاورة ضمن هذه الخيرات؛ فإنها حتماً تستحق الإشارة والإشادة بها وبجهود أهلها وخيراتهم المتنوعة ومشاركاتهم المختلفة، هنا نمتد بالقول ومن خلال هذه الإشارة إلى مناطق بوابة الرستاق الشمالية الغربية التي تأتي قبل نيابة الحوقين ومناطقها المختلفة، نعم إنها (الفلاجات) وهي ثلاث مناطق متجاورة، لِما لها من دورٍ بارز ومساهمات بالكثير من الخيرات وهذه المناطق هي:
منطقة فلج العالي، منطقة فلج الوسطى، منطقة دارس.
هذه الأسماء الثلاثية التي تشير لمعانٍ ودلائل ذات قيمة تاريخية لكل واحدة منها، ولِما تجسّده من الإرث والتاريخ والعادات والتقاليد الموروثة، حيث إن هذه المناطق وتلاحمها بأراضيها وأفلاجها مع وجود فواصل إدارية لكل منطقة منها متعارَف عليها من قِبل الأهالي والجهات المعنية، حيث تمتاز هذه المناطق بمعدلات مناخية مختلفة وبخصوبة تربة أراضيها، وجودة أشجارها وخاصة النخلة، ونقاوة أفلاجها من المياه العذبة وآبارها، فهي من أوائل بشائر النخلة العمانية التى تمتاز بها، وكذلك تمتاز بالمزروعات الموسمية مثل الثوم العماني والبصل والفندال (البطاطس الحلوة)، وموسم العنب، وبعض الفواكه والليمون والحمضيات بأنواعها، فهي غنية بهذه الأشجار وجودتها، ومن المعروف أنها سباقة بهذه الخيرات ومن تباشير الخير قبل أي منطقة بولاية الرستاق.
حيث تبدأ من نخلة النغال التي تمتاز بها هذه المناطق، وكما أسلفنا سابقاً، فأسباب ذلك هو المناخ الصيفي المتنوع، بجانب إرثها وتاريخها المتمثل بالحصون والبروج والمساجد والمجالس القديمة خاصة التي مازالت شواهدها باقية، تشهد إلى العمق التاريخي لهذه المناطق ولما لها من دور كبير في حماية الولاية لكونها بوابة الشمال الغربي ولموقعها الجغرافي المتميز، وما تتمتع به من دور كبير فى تلك الحقبة التاريخية الماضية، وما زالت هذه الشواهد من الأبراج والحصون والآثار باقية تنتظر صيانتها وترميمها بجانب هندسة بديعة فى مسار وتصميم أفلاجها بفضل أهلها الذين برعوا فى هذا الفن الهندسي المعماري، والذي يمثل في شقّ وبناء مسارات هذه الأفلاج وعمقها واتساع جداولها رغم عدم وجود المعدات والأدوات التي ترافق ذلك العصر من طفرة وتقدم تقني، ولكن كانت هناك عقول قد أينعت وأبدعت، وقد كانت الحاجة لهذه الأفلاج وما زالت خيراتها من المياه رافدة لهذه المناطق رغم الزحف الكبير من بعض الأهالي في تغير معالم الكثير من الأراضي الزراعية بسبب التوسع العمراني، وبما تحمله من إرث وخاصة الأراضي الزراعية الخصبة فضلاً عن التوسع العمراني الجديد الذي قامت به وزارة الإسكان بخلق المخططات السكنية التي أغلبها قللت من تلك المساحة الخضراء الخصبة لهذه المناطق.
وهناك جانب لا يقلّ أهميةً من تاريخ هذا المناطق وهي المجالس الأهلية التى كانت مراكز للعلم وتدريس وحفظ القرآن الكريم، وتأويل الفقه والتجويد لِما يتمتع به أغلب الأهالي من أصحاب العلم والمعرفة والزهد والقناعة، فكانت هذه المدارس التي ترافق هذه المجالس والمساجد عامرةً بالعلم النافع لأبناء هذه المناطق ومن يسعى لنيل هذا الشرف الكبير، وهناك الكثير من السكان ممن تعلموا واستفادوا من هذا الفيض، وما زالت هناك مدارس لتحفيظ القران الكريم تتواجد في هذه المناطق بجانب المجالس الأهليلة لخدمة كافة المناسبات الأهلية، حيث أن هذه المناطق قد نالت من الخدمات الكثير التى تفضلت بها الحكومة الرشيدة لمواكبة التطور، ومنها صيانة الأفلاج والكهرباء والمياه والهاتف وخطوط شبكة الاتصالات، والشوارع إلا أنه في ظل التوسع العمراني الكبير فإن الأهالي يتطلعون إلى المزيد من تلك الخدمات الضرورية والملحّة، لأن هذه المناطق قد زادت بها المخططات السكنية الجديدة وهي بحاجة ماسّة لمزيد الخدمات العامة الضرورية، إضافةً للجهود الأهلية المتواصلة في هذه المناطق في الجوانب الخدمية الأخرى مثل بناء المجالس العامة وبعض المساجد والجوامع، وكذلك مقرات الفِرق الرياضية الشبابية، وتسوير المقابر وغيرها، فأغلب هذه المشاريع تتم بتمويل وجهود أهلية لعموم المنفعة العامة، بجانب فتح المحلات التجارية المتنوعة التي تسهل الانتفاع من خدماتها ولقربها.
تسكن في هذه المناطق العديد من القبائل التي تسودها الألفة وحُسن الجيرة والمحبة، والتراحم والتعاون لما فيه الخير، وإن أبناء هذه المناطق قد ساهموا بالكثير من الجهود والمشاركات الوطنية فى بناء هذه النهضة المباركة وما زالوا يقدمون الكثير من هذا العطاء، من خلال حصادهم للعلم والمعرفة، والاستفادة من خيرات هذه النهضة؛ فمنهم من وصل إلى مراتب عالية من خلال هذا العلم ومن فيض دراستهم الأكاديمية وغيرها، فمن خلال هذه الجهود المثمرة قد وصلوا إلى مصافّ الرتب والوظائف الكبيرة مثل سلك القضاء، والتعليم، والطب، والرتب العسكرية المختلفة، ومنهم المزارع، وأصحاب الحرف ومِهن الأجداد والآباء، والكثير من الوظائف ذات الأهمية الكبيرة في بناء هذا الوطن الغالي، والمشاركة الحقيقة بهذه النهضة المباركة من أبناء هذه المناطق.
فهذه إطلالة بسيطة مختصرة لا تفي بحق هذه المناطق وخيراتها وخيرات أبنائها.
حفظ الله عمان وأهلها المخلصين أينما كانوا وكل من يقيم على ترابها الطاهر، وحفظ الله سلطاننا المفدى ومنَّ عليه بالصحة والعافية والعمر المديد، اللهم أمين.