اتعبنا هذا الصندوق
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
كثيرًا ما تتردد على ألسنة الناس مطالبات لبعض المسؤولين، وتدعوهم للتفكير خارج الصندوق، على اعتبار أنّ التفكير خارج الصندوق هو المنفذ الوحيد لإيجاد حلّ لبعض الإشكاليات، أو الأزمات الحاصلة في المجتمع، رغم جهلهم بماهية التفكير خارج الصندوق!.
والمصيبة الأعظم اعتقاد هؤلاء أنّ التميز، والإبداع، يتولد من التفكير بأشياء خارج نطاق العمل، ولا يدركون أنّ التفكير داخل الصندوق هو الأهم! فهل من الممكن اصطياد السمك خارج البحر أو النهر؟! بالتأكيد لا، ولكن بالإمكان اصطياد أنواع مختلفة من السمك، بطرق سهلة ومبتكرة!
التفكير هنا يعني أن تطرح طرقًا للتنمية والتطوير والاستثمار في الجانب الذي تعمل فيه، فعندما ترى مسؤولًا يطرح أفكارًا ليطور جوانب العمل لديه فاعرف أنّ التفكير هنا إيجابي، وليس بالضرورة أن تكون هذه الأفكار فريدة من نوعها؛ فتطوير فكرة معينة ربما تؤدي الهدف المطلوب، ولكن عندما ترى مسؤولاً يصرّ على استخدام نفس الآلية والأفكار والطرق التي لا جدوى منها في إنجاز الأعمال؛ فقل سلامًا عليه!
ولاحظنا في الفترة الأخيرة الكثير من المسؤولين يطرحون أفكارًا للاستثمار مثلًا وهي أفكار رائدة تعود بالنفع على المؤسسة والدولة، فنحن نحتاج لهذه النوعية من العقول المبتكرة والمبدعة في كل القطاعات لما لها من دور في خلق جوانب تطوير جديدة.
إنّ الاهتمام بالكم على حساب الجودة هو مضيعة للجهد والوقت، فكل شخص لديه طاقة وقدرة على التركيز، وعندما تريد أن تفكر اعط نفسك الوقت والفرصة لتخرج بخيارات من الأفكار الجميلة التي تطور العمل، لا أن تصرّ على نفس القالب الذي تعودت عليه، لأنّه في نهاية المطاف لن تحقق الهدف الذي تسعى المؤسسة لتحقيقه، وفي ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم بشكل عام والسلطنة بشكل خاص نحتاج لعقول تفكر في كيفية الاستثمار المفيد واستغلال الفرص الكثيرة والمتاحة في هذا الجانب، نحتاج لعقول لديها القدرة على الخروج بأفكار فريدة ومبدعة وعدم الالتزام بالممارسات والمعايير التي تعودنا عليها.
ولا شكّ بأنّ الاطلاع والقراءة تجعلك شخصاً مبدعًا ومتفتحًا، فالقراءة تساعد على بناء الأفكار، والاطلاع كذلك له دور مهم في بناء وتطوير الإبداع، تقول حنة آرنت: ” رغم صعوبة الإبداع، إلا أنه نادرًا ما يكون معقدًا، حيث إنه يأخذ الأفكار المُعقدة ويعثر على البساطة في داخلها.