قرقعة الطبول والسلطة الفارغة
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
حين تسمع قرقعة الطبول بلا لحن وبشكل عشوائي فاعلم أنه لا يوجد لهذه الفرقة قائد، وحينما تزداد الطرقات فالتمس لها العذر فهي فارغة ومجوفة من الداخل، هكذا هم بعض البشر فارغون من الداخل وأصواتهم عالية مرتفعة، كلما زادت عقدة النقص زادت قرقعتهم وأزعجت من حولهم، أحلامهم كثيرة وشخيرهم يزعج أهل الحي، حتى أنهم أعطوا أنفسهم مكانة عليا وتحدثوا بلسانها، لا تستغرب فهم نرجسيون حتى النهاية، لا يكلون ولا يملون ولا ييأسون.
ذات يوم استيقظ الديك من النوم باكراً فأزعج الأسد ولكنه أعجب الدجاجة فكان بالنسبة لها صوت شجي عذب المسمع، فقالت له يا لجمالك فأنت الأول ولا يوجد من هو أفضل منك، أصاب الديك الغرور فوق غروره وكبريائه فصار يصيح ليل نهار، حتى بلغه أن الأسد مستاء من إزعاجه فقرر أن يزيد أكثر لكي يكبر في عين دجاجته، رفع جناحيه وصفق وصاح ” يا أيها البلهاء أنا ملك الغابة بصوتي الشجي، حتى جاءه الثعلب مادحاً قائلاً يا ملك الغابة العظيم، أيها الديك الجبار، إن الأسد خائف منك ولا يستطيع مواجهتك والدليل سكوته، وأنه ضعيف جداً لو اقتربت منه سيهرب، زاد الديك غروراً فصار يصفق بالقرب من الأسد، ولهيبة الأسد وعنفوانه رأى بأن الرد على الديك ليس لصالحه حتى لا يقال لقد أفردت عضلاتك على ديك، فقرر الصمت وتغيير موقعه، فرح الديك وازداد غروراً، والثعلب كلما رأى الديك قام بتشجيعه، وفي مساء يوم ما ذهب الثعلب للأسد واقترب منه وصاح في وجهه، يا أسد، يا ملك الغابة إن الديك يقوم باستفزازك وأنت ملك الغابة ولكن لا أنصحك بفعل شيء لكي لا تكون في منزلته فهو ضعيف جداً بالنسبة لك، وسيقال بأن ملك الغابة استفزه ديك وأنت أكبر من ذلك بمنزلتك ومكانتك، قال الأسد وماذا عساي أن أفعل؟
قال الثعلب أتركه لي فقط عليك إيصاله إلى المصيدة وسأتخلص منه، قال الأسد كيف؟
قال الثعلب فقط إذا هاجمك لا تلتفت نحوه فقط إذهب عنه حتى تدخل في ذلك الجحر ولا تخرج منه حتى أنادي عليك حتى يتوهم إنك خائف منه، قال الأسد حسناً سأفعل، وفي اليوم التالي ذهب الثعلب ليلتقي بالديك، قال الثعلب يا ديك يا ملك الغابة الجديد إن الأسد خائف منك وسنعلن التحدي أمام الجميع، حينها إذا صفقت بجناحيك وبدأت بالصياح سيهرب الأسد وسأجري خلفك كي أكون عوناً لك وسنداً، وافق الديك وذهبا، أما الجميع والأسد ينتظروا اللحظة، قام الديك منادياً بصوت عالي يا أيها الأسد الجبان أني قادم نحوك. اتجه الأسد نحو الجحر ليدخل الديك خلفه وهو في قمة السعادة وسينصب نفسه ملكاً أمام الجميع، ليحاصره الثعلب من خلفه ويقوم بافتراسه ومن ثم قام بردم الجحر على الأسد ليحصل على وجبة دسمة ويفوز بمنصب ملك الغابة، حيث أن الغرور أهلك الديك والغباء قضى على الأسد.
هكذا هم بعض البشر أما طبول فارغة مزعجة بقرقعتها، أو أسد يقوده ثعلب نحو الهلاك، لتبقى السلطة فارغة.
الحكمة من ذلك؛ لا يغرك ما يقوله الناس عنك من مديح وثناء وأنك تستحق المناصب وأنت أولى من غيرك، ولا تستمع إلى نمام حاقد يزيف الحقائق كما يشاء، لا تكن(طبلاً فارغاً) مزعجاً لمن حولكَ، ولا تكن ديكاً مغروراً يركض خلف المستحيل، أو أسداً يقوده الثعلب الماكر بخبث ودهاء، كن متواضعاً “فمن تواضع لله رفعه”، “لا تقل كل ما تسمع، ولا تسمع كل ما يقال”، فالحياة تحتاج إلى عمل بلا صوت، لا قرقعة فارغة، الحياة تحتاج إلى تخطيط سليم وسعي حثيث لتحقيق الطموح وفق المعقول والمقبول.