2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

في القيادة… الحب يتدرج والولاء يتعاظم

ظافر بن عبدالله الحارثي

هناك مستويات للقيادة، إذا ما أدركناها لفهمنا سبب ولاء الأفراد للقائد، لربما قد تعرّف عليها البعض من خلال ما شاهدوه من ممارساتٍ وتطبيقات، والبعض الآخر تعرّف عليها من خلال المعلومات والنظريات التي يشاركها الرواد والمتخصصون في هذا المجال، إلا أننا إذا ما تمحصنا في دور القائد وعمله سنستلهم مستوياته من خلال المنطق والواقع الذي نعيشه، فإن أول التزامٍ يقع على عاتق الأفراد تجاه القائد هو واجب الاتّباع نظرًا لكونه صاحب الصفة والسلطة، وهذه أولى مستويات القيادة وأبسطها، فبالرغم من الجهود (أيّاً كانت) التي بذلها ذلك الفرد القائد ليصل لذلك اللقب، إلا أنه لم يقم بشيءٍ يتعدّى عن ممارسة الواجبات وتقرير الحقوق المتوقعة لهؤلاء الأفراد.

وأثناء ممارسة القادة للدور القيادي في المجتمع نلاحظ تدرّج مستوى القبول والثقة لهم بين الناس، وعندما نتساءل عن السبب نرى بأن ذلك القائد يبذل جهدًا اجتماعياً تجاههم لا سيّما في الاتصال المباشر معهم، وتطوير العلاقات بينه وبينهم، فضلًا عن تواجده بالقدر الذي يستصعب علينا التمييز والتعرف عليه في الميدان، حينها نكون بصدد مستوىً قياديّ جديد، والذي من خلاله نلمس رغبة الأفراد في حب الاتباع بدون إجبار، كما يظهر لنا شغف البذل في ما يقومون به، وبصورةٍ عفويةٍ ينعكس ذلك على مستوى الإنتاجية الذي يقودنا لمستوىً آخر أكثر تقدمًا، والذي بمناسبته يكون قد وصل إليها القائد ومجموعته لتحقيق نتائج كبيرة للمنظومة التي يعملون بها، ويكون حينها قد تعاظم تعلّق الأفراد بهذا القائد الكُفؤ الذي استحقّ المنصب وظفر بمحبتهم وإخلاصهم ونجح في التأثير وإدخال الإنجازات.

عند الحديث عن مستويات القيادة وأهمية القائد لا يمكننا الاستغناء وتجاهل دور التمكين القيادي وعنصر التطوير الذي يأخذنا لمستوىً قيادي فريد ويفرز لنا القائد (الناجح العظيم) الذي يكترث بالإنسان وبنائه، ويهمه استمرارية المنظومة وازدهارها، ويعي أهمية الأحلام عند الاخرين ومشروعية طموحهم، وذلك من خلال صناعة القادة وإتاحة الفرصة لهم، وهنا تتجلى أبهى صور القيادة التي نفتقدها بحق في مجتمعاتنا، وبها يصل القائد لآخر تدرجات الولاء والحب، كما يكون قد تربّع في المرحلة الاستثنائية التي تهيمن على هرم المستويات القيادية، بل والتي بسببها ظهرت مصطلحات كالقدوة والمؤثر والمغيّر والمعلم.

بالرغم من أنني تناولت موضوع القائد ومستوياته، إلا أنني تجنبت ذكر مصطلحاتٍ كثيرة مرتبطة أو قد ارتبطت به، على سبيل المثال: (التابعين والمرؤوسين، والاستئثار وغيرها) التي من وجهة نظري لا تمدّ القائد بصِلة، وليست ذات أهمية وقيمة لدى كلّ من يريد أن يصبح قائدًا حقيقياً، وأسهل طريقةٍ يمكنكم التأكّد من خلالها من هذه المعلومة هي البحث في السيرة النبوية المتمثلة في قيادة النبي عليه الصلاة والسلام، كما يمكنكم البحث في سيرة القادة ( أياً كانت مواقعهم ومهامهم) الذين نجمت أسماؤهم في سماء القيادة، ولم تسطع شهرتهم كعبرةٍ تترقرق.

إن الأصل في عنصرَي الحبّ والولاء أنهما لا يُتوقعان في البدايات، وذلك لاعتباراتٍ عديدةٍ أبرزها:
أن رسوخهما في الإنسان والعمل بهما يتدرج مع فهمهم وتقربهم للفرد، ومتى ما تطابقت الأقوال بالأفعال يوقرها العقل، ويعززها القلب، وهذا أقل ما يقبله المنطق والإدراك، وفي ختام هذه المقالة نستنتج من كل ذلك أن على عاتق كل قياديّ تكاليف مهمة يجب أن يعترف بها ويعمل عليها إذا ما أراد ترك إرثٍ طيبٍ وسُمعة حسنةٍ وقيادة ناجحة فعالة ومؤثرة، وأن مع تقدم المستويات القيادية يزداد الحب والولاء، وأفضل طريقةٍ لبدء التغيير هو تغيير الذات فكريًا، وتهذيب السلوك، فمِن أهمّ أنواع القيادة هي القيادة بالقدوة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights