أيها المعنيون.. عَـرّبوا ولا تُـغرّبوا
خميس بن محسن البادي
المادة (1) سلطنة عُمان دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة تامة، عاصمتها مسقط.
المادة(3) لغة الدولة الرسمية اللغة العربية.
(النظام الأساسي للدولة)
قدّم(…) أوراق معاملته للموظف المختص بالجهة المعنية بتسجيل طلب الرخصة التجارية الخاصة به بمسمى(….)،، اسم غربي ليس له علاقة بنا وببلدنا البتة وكان من اليسير جداً جعله اسماً عربياً واضحاً وبذات المعنى الذي اختاره مالكه مغرّباً، إلا أنه ورغم ذلك فقد اعتمده القائمون على تلكم المؤسسة العامة وكأننا في دولة غير عربية مسلمة متجاهلين بذلك المادتين(1و3) من النظام الأساسي المشار إليهما ونصاهما سلفاً، ليرفع(…) لوحته التجارية باسمها المغرّب على واجهة دكانه أو حافلة مقهاه، وقد يقع على صاحب العلاقة هنا لوم وعتب كونه آثر تنصير مسمى رخصة مشروعه التجاري وهو المواطن العماني القح البحت، بل وعمله التجاري محلي قد لا يتعدى المحافظة التي ينتمي إليها أو ولاية سكنه وقد يكون مشروعه من المشاريع الصغيرة أيضاً، ولكن في المقابل تقع اللائمة الكبرى هنا على من وافق على هذا التنصير بالمؤسسة العامة المعنية بالموضوع واعتمده سجلاً تجارياً عمانياً قد تُرخّص بموجبه لاحقاً مشاريع وأنشطة أخرى بصرف النظر عن حجمه ورأس ماله ودرجته ومدى توسعه المستقبلي.
إن ما يتراءى لنا جميعاً هو تجاهل المسميات العمانية التي تـَمُتّ لنا بصلة مباشرة وكانت جزءاً من حياتنا اليومية وما يزال أغلبها كذلك والتي كان لها صداها بين أفراد المجتمع قديماً وحديثاً، حيث سعى من أوكلت لهم المهام لذلك وراء نصرنة وتغريب المسميات تماشياً ربما مع ما يعتبرونه أنه زمن العصرنة والعولمة والانفتاح الدالة على التحضر وفقاً لمفهومهم المغلوط للأسف، وكأن فكرهم وتوجههم بذلك يقودهم إلى تغييبهم المقصود والمتعمد للمسميات العمانية التي لها أول وليس لها آخر لكثرتها وتعددها مثل (القلعة/ الحصن/ المسطاح/ الجنور/ الزاجرة/ الحابول/ الدعن/ العريش / الليخ….إلخ)، فلا تعتبروا ذلك تخلفاً أو أمراً مخجلاً بقدر ما هو عز وفخر لعمق تاريخ وحضارة عُمان وارتباطه بماضي أجدادنا وآبائنا وتراثاً لصيقاً بهذه الأرض الطيّبة المباركة وهو الشيء الذي يفتقده ويتمناه البعض.
إن العاقل اليوم يعي ما يعني له الغرب من هشاشة في القيم والمبادئ والأخلاق وليس للمسميات الغربية على واجهات محلاتنا التجارية أية ذرائع أساسية نتخذها أسباباً بغرض تقدمنا ورقينا، فهم أقوامٌ يفتقرون لما عليه العرب والمسلمين عموماً من جميل الصفات وحمائدها وبذلك لا نظنهم أنهم أَكْفَاءً لأن يورثوننا أية قيم حميدة باستثناء العلم والصناعة والابتكار، فما هم إلا يكيدون لنا بضلالهم النزق الضال عن سبل الهداية وطريق الحق والرشاد لهدم قيمنا وانحلال أخلاقنا وانسلاخنا من عاداتنا وهويتنا المتعلقة بآداب ديننا الإسلامي الحنيف من خلال سعيهم الحثيث نحو التوغل في المجتمعات العربية والإسلامية رغبةً منهم للسير على نهجهم الأعوج الملتوي واتباع مللهم والعياذ بالله.
ولا أدل على ذلك عما نهانا عنه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وما أجمع عليه علماء الأمة الإسلامية الأحرار بالعمل على مخالفة اليهود والنصارى والكفار أجمعين، مصداقاً لقول الله عز وجل في كتابه المحكم من سورة المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} صدق الله العظيم الآية- 51-.
وبذلك لا تجعلوا منا ممن ينطبق عليهم حديث نبيّنا المصطفى صلى الله عليه وسلّم والعياذ بالله، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم).
وقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال،، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم) قلنا:- يا رسول الله, اليهود والنصارى؟ قال:- فمن؟.. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
إذاً فإن تمسكنا بهويتنا العربية العمانية وتقديم الخدمة الراقية التي تنم عن مجتمعنا العماني وعروبتنا وما حثنا عليه الدين الإسلامي الحنيف من حسن في التعامل وإجادة ما نصنع ونبيعه للآخرين وعدم التشبه بأقوام هم ليس من ملتنا في شيء، لهي أسباب مجتمعة تجذب وتستقطب مختلف شرائح المجتمع إلى المؤسسة صاحبة فن وضبط الجودة والاتقان في العمل، والذي يقترن بالأمانة والنزاهة والأسلوب الراقي والأدب الجم عند تقديم الخدمة من غير غش أو تدليس وبعيداً عن تغريب الأسماء، فيا أيها المختصين المعنيون أمانة على عاتقكم تؤدونها لهذا الوطن الغالي بأن تعرّبوا ولا تغرّبوا فسموا الأشياء بمسمياتها ورفقاً بلغة الضاد واجعلوها خالية نقية من شوائب قول (الرطن)، وتذكّروا على الدوام هوية الدولة ولغتها طبقاً للمادتين (1و3) من النظام الأساسي، وما نادى وينادي به المنادون من الأئمة والعلماء والمشايخ بالمحافظة على اللغة العربية والتحدث بها كونها اللغة الخالدة التي هي لغة العرب والتي نزل بموجبها القرآن الكريم عربي مبين منحة ومنّة من الله تعالى لنا حيث اختصنا كعرب دون سوانا من العجم بقوله المحكم المنزّل ليكون وفق لغتنا العربية ولله الحمد، ولنفعل إن شئنا كما هم فعلوا فنصدّر إليهم شركاتنا بمسمياتها العربية العمانية( الزاجرة للتجارة) و (مقهى الدعن للشاي المضاعف) مفتخرين بلغتنا العربية لغة الضاد ولغة القرآن الكريم الخالد المحفوظ، فليس لما تحمله اللوحة التجارية هنا من اسم ذا صلة بجودة ما يتم تقديمه للعملاء والزبائن، فكم من كبريات المسميات التجارية العالمية كانت قد سقطت في حضيض سوء جودة الخدمات ورداءتها وفساد الأطعمة المقدمة وعدم صلاحيتها والريب في طرق إعدادها ومأمونية تقديمها، فلا يغرّنكم زخرف القول الغرور ولنكن خير أمناء على هويتنا ولغتنا لغة الفخر والاعتزاز.