السيطرة الدماغية لدى المعلمين وعلاقتها بممارساتهم الصفية

أحمد بن موسى البلوشي

       تؤكد نتائج البحوث في علم الأعصاب أن التعلم هو الطريقة الفيزيائية لإحداث التغيير في عمل الدماغ ذي الجانبين، فالمعلمون هم الذين يملكون القدرة على إحداث هذا التغيير، وذلك من خلال استخدام طرق وممارسات صفية تتفق وخصائص أدمغة الطلبة، ولكن تغيير عمل الدماغ لا يعد مسألة علمية فحسب، بل هو فن ومهارة في إحداث هذا التغيير، بمعنى أن العلم يخبر عن معنى التعلم والعوامل المؤثرة فيه، ولكن تطبيق ذلك المعنى يحتاج من المعلمين إلى فن ومهارة في مجال التدريس الصفي. ويعني فن ومهارة التدريس هو قدرة المعلم على مواجهة التحديات الناتجة عن الدماغ الشمولي ومحاولة دراستها وتفحصها وتنظيمها نحو الأفضل، فالدماغ بحد ذاته ما هو إلا الجانب المادي، أما العقل فهو استخدام هذا الجانب في التفكير والعمل والإنجاز.

        وقبل أن يبدأ المعلم بتصميم الدرس ينبغي عليه أن يعرف خصائص أدمغة الطلبة ومستويات تفكيرهم والمناخ النفسي السائد من خلال مقياس السيطرة الدماغية مثلاً؛ حتى يساعدهم في العمليات المعرفية؛ كالتذكر والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم، والعمليات التفكيرية؛ كالتفكير المنطقي والاستنتاجي، والعمليات الأدائية؛ كالعمل المخبري والابتكارات العلمية، وأن يحدد نقاط القوة والضعف لديهم، ومعرفة ما الجانب المسيطر لديهم قبل البدء في العملية التدريسية وتحضير الدروس، هذا فضلاً عن ملاحظة ومتابعة الطلبة أثناء الدرس، فالطالب الذي يهتم بموضوع الدرس يدل على رغبته في التحصيل والتوافق ما بين الموضوع وجانب الدماغ المسيطر، أما الطالب الذي لا يهتم بموضوع الدرس ويركز على الرسم والحديث وقراءة القصص أثناء الدرس فذلك يدل على عدم التوافق ما بين موضوع الدرس وجانب الدماغ المسيطر عند الطالب.

         كما ينبغي على المعلمين معرفة ما هو جانب الدماغ المسيطر لديهم، لأنّ ذلك ينعكس على أداء الدرس وفهم الطلبة له، فمن الممكن التحقق من ذلك عن طريق عمل اختبار بسيط جداً يحتوي على بعض الأسئلة الملائمة للدماغ الأيمن والأيسر، ثم يحلل النتائج لمعرفة الجانب المسيطر من الدماغ سواء أكان ذلك عند الطلبة أم المعلمين.

       إنّ المعلمين ذوو السيطرة الدماغية اليمنى يأخذون القرارات اليومية من خلال العاطفة والإدراك والأشياء البديهية الموجودة أمامهم، أما المعلمون ذوو السيطرة الدماغية اليسرى فيأخذون القرارات اليومية من خلال متابعة وتعاقب الحدث وكيفية تفكيرهم واعتقادهم فيه، ولكن المعلمين ذوو السيطرة المتكاملة (هو التساوي في استخدام جانبي الدماغ الأيمن والأيسر، بحيث يعملان معاً تبعاً لطبيعة المشكلة المعروضة) فهم يتصفون بالمرونة، ويتأرجحون ما بين الجانب الأيمن والأيسر عند اتخاذ القرارات المناسبة، وغالبا ما يكون لدى هؤلاء المعلمين نوع من الإرباك والتشويش عند اتخاذ القرارات.

من كتاب ( التعلم القائم على السيطرة الدماغية).