الفرق بين المشكلة والإشكالية في البحث العلمي
الباحث: يوسف بن عبيد الكيومي.
مدرب القيادة الإدارية و القيادة التربوية.
المقدمة:
يزداد الاهتمام بأهمية البحث العلمي مع تطور مجالات الحياة المختلفة، نظراً لما يصاحبه من ظواهر و أزمات متنوعة تحتاج للكثير من علامات الاستفهام حولها، الأمر الذي جعل من كل باحث ينغمس ليلاً نهاراً بين مشاكل المجتمع الذي يعيش فيه ومعوقاته وهمومه حتى يضعها في مقدمة أبحاثه و دراساته، مما يجعله يخوض حالةً من العراك بين أن يضع اهتمامه لدراسة مشكلة أو مجموعة من الإشكاليات التي حطّت رحالها في مجتمعه.
فما هي المشكلة؟ و ما هي الإشكالية يا ترى في مجال البحث العلمي؟ وهل يوجد فرق بينهما؟
إشكالية البحث العلمي:
هي مجموعة من الأسئلة التي تطرح في البحث العلمي، من أجل تحليله، ودراسته، وتوضيح طبيعته من خلال البحث عن إجابات منطقية لهذه الأسئلة.
يقع الكثير من الباحثين في خطأ كبير، وهو معضلة التفريق أو التمييز بين المشكلة و الإشكالية، فكِلا المفهومين نقطة إنطلاقةٍ للبحث عن حلولٍ لمسائل معقدة أو مبهمة، ممّا يجعلهما مُسببَين للكثير من الغموض لدى الباحثين، وهذا يعني أن للمفهومَين معنىً واحد، ألا وهو الغموض والشكّ الذي يدور حول موضوع أو موقف أو أمرٍ ما.
ومع هذا كله إلا إنه توجد مجموعة من الفروق بين المشكلة والإشكالية ويمكن للذكر وليست للحصر في الآتي:
• الإشكالية: هي قضية عامة مبهمة ويندرج تحتها كثير من التساؤلات، وقد نجد حلولاً وأجوبة للتساؤلات ولربما لا نجد، بحيث تبقى قضيةً مفتوحة، وغالباً ما تُسبب الإشكالية جدلاً واسعاً يُقابَل بالرفض من قبل الكثيرين.
• أما المشكلة: فهي قضية أقلّ شمولاً، وتخصّ صاحبها على الأغلب، إذْ يقع الشخص في حيرةٍ من أمرٍ ما، ويبحث عن حلول لهذه القضية، أو أن يكون قد وضع أهدافاً لذاته ولكن هناك من العوائق ما يصعب عليه تحقيق أهدافه.
من هنا نرى أن الإشكالية هي مفهوم أوسع و أعمّ من المشكلة، بحيث تحتوي الإشكالية على عدد من المشكلات، ولنأخذ مثالاً لتوضيح المفهومين بشكلٍ أفضل، فمثلاً لو ضربنا مثالاً من الجانب التربوي، فمثلاً هناك إشكالية في كيفية رفع وتحسين مستوى التحصيل الدراسي لطلاب مدرسةٍ ما، وهي إشكالية تخصّ العديد من الفئات المرتبطة بالطالب والمدرسة، وعلى الرغم من وجود العديد من الاقتراحات لحلّ هذه الإشكالية، إلا أن هناك ظروفاً قد تُحتّم على مدرسةٍ ما عدم القدرة على تطبيقها، بينما نجد مدرسةً أخرى لديها من القدرات ما يساعدها في تطبيق الحلول التي تمّ التوصل إليها.
أما المشكلة فهي: أن يقع طالبٌ ما في مشكلة ممارسة تطبيق عمليّ لأحد المواد الفردية بالمدرسة والمرتبط بدراسته، ولكنها مشكلة محلولة من خلال البحث والتركيز، وليكن تطبيق عمليّ لمادة الرياضة المدرسية مثلاً، أو طالب مثلا ً في مرحلة دبلوم التعليم العام واضعاً هدفاً لدراسة مادةٍ علمية معيّنة، ولكن في نهاية العام، يجد أن مُعدّله التراكمي لا يسمح له بالتسجيل في هذه المادة بالجامعة أو أخرجته من سباق المنافسة على مراكز المقدمة بالمدرسة في التحصيل الدراسي فهي مشكله لها حلّ أيضاً.
مما سبق يتضح أن المشكلة هي جزء من الإشكالية.
تسبّب الإشكالية إحراجاً وامتعاضاً للعديد من المجتمعات مهما كان نوعها ومسماها، إذ أنها قضية عامة تخصّ شريحة كبيرة من المجتمع المعني بها وينتظرون لها حلاً، وقد لا تستطيع مؤسسة ما حلّ الإشكالية، أو حتى الإجابة على تساؤلات المنتمين إليها، أما المشكلة فيكون صاحبها قلقاً من الأمر الذي صعُب عليه.
الخاتمة:
المشكلة و الإشكالية مهما تعاظمت و تفاقمت، فإن تركيز الباحثين عليها يساعد كثيراً على إيجاد الحلول المناسبة لها، الأمر الذي سوف يكون له مردود إيجابي على حاضر ومستقبل المجتمع من إمكانيات البحث العلمي، الشيء الذي سيسهم في إيجاد مرجع قوي لمختلف الدراسات للاستفادة منها مستقبلاً.