كن بخير
فؤاد البوسعيدي
يتساءل البعض عن الحروف والكلمات التي يكتبها الآخرون، تلك التي يقرؤونها في مختلف الأماكن من كتب وصحف ومجلات ومنصات ووسائط إعلامية مرئية وورقية وسمعية وغيرها، للأسف هنالك من يعتبر أن السّطور ما هي سوى مجموعة حماقات سلبية حتى وإن ملأناها في جميع دفاترنا بأصدق المشاعر التي تسكننا، هؤلاء النّاكرون يوهمون أنفسهم بالإيجابية المطلقة التي يعتقدون بأنهم فقط هي الفئة التي تعيش بإيجابية ويتناسون بل ويتجاهلون بأنّ ما يُكتب ويقال ليس في النهاية سوى دليل على بعض واقعية السلبيات التي عاشتها شخصياتنا من خلال تواصلنا وتعاملنا مع الآخرين وما نشعر به تجاه مواقف معيّنة فينسى منهم بأنّ ما يظهر في أوراقنا ليس سوى نتاج تجاربنا الحياتية وما نعيشه في فترة من الفترات، ولكل من يقع في تلك الفئة كلمة.. كن بخير ولا تتعامل بسلبيات قاسية مع كلمات الآخرين ولا تشكك في واقعية كلّ ما يكتبه البعض من سطور سواءً أكانت مقالات أو قصائد أو أشعار أو حتى خواطر قصيرة، فكتاباتهم وأقوالهم ليست حماقات كما تظنّ بل هي لحظات عابرة هي ربما تكون قد وقعت في حياتهم.
* علاقاتنا مع الآخرين قد تصل أحياناً إلى حالة من اللاستقرار والخمول وتظل غير مفهومة وعابرة بين حالات المدّ المتكرّرة والجزر المستمّرة؛ وذلك بسبب النقصان في الشحنات الموصّلة للأفكار التي تنبثق من الجهات المختلفة والمتناقضة، الشفافية قد تكون هي الحل لمعرفة مكان الخلل والتناحر الذي حدث بين الضفتين اللّتان كانتا قطعة أرضٍ واحدة، وقد تكون هي الطريقة الأمثل لتنشيط الأوضاع ولإعادة المسارات إلى طريقها الصحيح، كما نجد بأنّ البعض يحب أن يكون ميّالاً أكثر إلى الأسلوب الدبلوماسي في علاقاته مع الآخرين أي أن يكون في وسط لا يعلم فيه الآخر عن وضعه أهو أبيض أم أسود، فكن بخير في طريقك إلى ما تريد، كن واضحاً في رأيك واختياراتك بين الألوان التي تحبّها فما كلّ اللّوحات التي ترسمها سينفع معها الوُسطيّة.
* البعض لا زال يتمسك بعناده رغم علمه بما ستؤول إليه التتائج من حالة العناد تلك التي تملأ رأسه بل وتجده قد يثابر ويجتهد كثيراً ويدافع بقوة وشدة فقط من أجل المحافظة على تصرفاته المعاندة وكأنها قطعة أرضٍ من وطنه وحتى على الرغم من معرفته بما سيترتب إليه ذلك العناد من أمور وخيمة قد تجعله يخسر الكثير، كن بخير يا من تتقن وتمتهن العناد فقط لمجرد العناد فأنت قد تخسر أحبتك بفضل عنادك الذي لا تودّ أن تخسره.
* الحماقات نحن نصنعها من بعض أفعالنا التي نظن بأنها صواباً ومن بعض أقوالنا التي نؤمن بأنها هي أيضاً الحقّ فتصطدم بالآخرين الذين ربّما قد يظنوا كذلك بأنهم على حقّ وصوابٍ في بعض أقوالهم وأفعالهم مثلنا، إن كنت متحدثاً جيداً وممتازاً حاول كذلك أن تكون مستمعاً جيّداً إلى أحاديث الآخرين فهناك بين الكلمات التي تقال لك ما قد يفيدك وما فيه الصالح لك ولمن يحادثك.
* يومياتنا لا تخلو من كلمات نقولها وأمور نفعلها وقد يكون كلّ ذلك يجمعنا مع الآخرين الذين ربما قد يكونوا زملاء أو أصدقاء أو أخوة وأخوات أو ربما قد يكونوا أخلاؤنا وأحبابنا الذين نحبهم ونعزّهم كثيراً، بعضاً من تلك الكلمات والأفعال قد تسبب الأذى النفسي والمعنوي الذي يكون أكثر شدّة من الأذى الجسدي، لكي نصلح ما نسبّبه من أذى وألم وربما ضيق علينا أن نعتذر لمن آلمته كلماتنا وأفعالنا، الاعتذار هو دواءً للقلوب والأنفس التي ضايقناها وأزعجناها بتصرفاتنا اللامبالية أحياناً، فليس عيباً أبداً أن تقول (آسف) ولا عيباً أن تتعلم لغة الاعتذار بأيّة كلمة وأسلوب كان.
* جميعنا نحلم في منامنا، نعم وجميعنا كذلك نحلم ونتخيل الكثير من الأحلام التي نرسمها في خيالاتنا ونحن في حالات اليقظة التّامة، وأحلام البعض منّا قد لا تتوقف أبدا، فمن حلم نريده اليوم إلى حلم آخر غيره غداً وبعده من أيام سنريد تحقيق مناله وهكذا حتى تتجمع وتمتلئ في مخيلاتنا الأحلام الكثيرة، نحلم كثيراً ونقوم أحياناً برسم الخطط التي سنحقق بها ما حلمنا، والبعض يحلم ولكن دونما أن يرسم مساراً لأهدافه وفقط هو يكون في انتظار المعجزات التي ستحقق له أحلامه تلك، وهنالك من البعض من يعتبر بأن الأحلام حماقات بلا فائدة وهي مضيعة للوقت، هنالك من يكره الأحلام لأنه لا يؤمن بها وفقط هو يؤمن بالواقع وينسى بأنّ الواقع ما كان سيتحقق لولا تلك الأحلام التي سبقت الواقع الذي يحياه، فلا تكن أنانياً مع أحلام الآخرين مهما كانت خيالية، امنحهم الأمل لتحقيق مرادهم، امنح كلّ من يريد أن يحلم وأخبرك عنه مطلق الحرية ليحلم ما يشاء فربما يملك الأفكار الكثيرة التي تسير جنباً إلى جنب مع أحلام اليقظة التي يراها في يومياته.
* يقال بأنّنا إذا ملكنا الصبر نلنا كلّ مفاتيح الفرج، وفي كتابنا القرآن الكريم ذُكر عن صبر سيّدنا ونبيّنا (أيوب عليه السلام)، وكذلك هنالك آيات حكيمة أخرى كثيرة ذكرت عن الصبر وفضل الصابرين، نعم هو توجيه من الله بأنّ بعض الأمور التي نريدها تتحقق بالصبر وبأنها لن تتحقق كما نريد بين يوم وليلة، علينا أن ندرك بأنه لا يملك جميع الحالمين والطّامحين تلك الحلول السريعة التي توجز لهم الطرق لتحقيق ما يريدون وما يريده الآخرين منهم، لا يملك الجميع الحلول السّحرية ولا حتى شخصية علاء الدين التي يرسمها البعض في خيالاتهم والتي امتلكت المصباح السّحري وما يُسجن فيه من ذلك المارد الأزرق الضخم الذي يخرج ليحقق ما نريده في لمح الأبصار، لا يملك جميعنا حلولاً سحرية بل ولم يولدوا كذلك كأبناء الطبقة الإريستقراطية وفي أفواههم الملاعق الذّهبية التي ربما بيدها تحقيق تلك المطالب التي يتمنّونها، ولكن قد يكون امتلاك الصّبر هو الطريق والمعبر الذي يسير فيه البعض لتحقيق ما يسعون إليه، من الحكمة أن نعرف بأنّنا نملك جميعنا الكثير من الأمنيات والأحلام ولكن ليس بيدنا تحقيق جميعها، نملك الكثير من الأمور التي نريدها ولكن ربما لن نملك تحقيقها كلّها.
* نقطة في السطر.. لنتذكّر دائما بأننا لسنا أقلّ شأناً أبداً من الآخرين، قد يفوقنا البعض فيما يملك من أمور نحن نتمناها ولكن في المقابل نحن قد نملك أموراً هم كذلك لا يملكونها، يجب أن تتذكّر دائماً بأنّ هنالك أموراً وأحداثاً قد تقع في المسار الذي تعبره في طريقك نحو ما تريد وتخطّط له، هنالك أمور قد تحصل وقد يكون لها أسبابها التي لا نعلم عنها إلاّ بعد حينٍ من الزّمان الذي قد يطول وقد يقصر حسب قدراتنا على تجاوزها، تذكّر بأن تقتنع وتحاول أن تتقبل ما لديك من الأمور التي قد تكون في نظر الآخرين هي من أجلّ الأهداف والأمنيات التي يرجونها ويتمنّونها ليلاً ونهاراً، تذكّر بأنّ الإنسان مهما فعل وأحدث من الأمور التي لا تعدّ ولا تحصى ربّما لن يصل أبداً إلى غاية الكمال التي يريدها في عاجل وقته أو آجله، وفي حياتك حاول أن تتذكّر دائما بأنّك حتماً قد تمتلك قدرات وإمكانات هي سلاحك لتصل إلى أهدافك وطموحاتك ولكن ربما أنت لم تعرفها بعد بسبب خمول مداركك وربما بسبب ضعف غضّك البصرية بعيداً عنها، تذكّر بأنّ المال إن كنت تملكه وتحوزه هو سلاح ذو حدّين قد يكسبك احترام النّاس وربما قد يفقدك حبهم وتقديرهم لك، تذكر بأّنّ الشرف لا يكتسب بالمال الذي لن يصنع ولن يشتري لك كلّ ما تريده في حياتك حتّى وإن ملكت أموال وكنوز الملك قارون.
* كن بخير وكن متيقن بأن لكلّ منّا شخصيته التي تظهره بشكل قد يبدو مغايراً عن شخصيتك التي تعتبرها متفرّدة وجدّاً إيجابية، كن بخير فلكلّ فردٍ من الأفراد سلوكياته الخاصة الفريدة التي قد تميزه عن ما يظهر في الآخرين من سلوكيات وطباع، كن بخير ودع كل من تتعامل معه يعيش بشخصيته وطباعه التي يعتبرها بسيطة وصادقة وقد تعتبرها أنت معقدة وسلبية وغير واقعية، كن بخير وعلى يقين كبير بأن من يخبرك عن شؤونه ويكتب عن مشاعره وإن كانت كلماته في نظرك حماقات بين السّطور ولا تعجبك فإنها قد تكون خارجة منه وهي في قمة الصّدق والصراحة التي لن تجد مثلها أبداً، كن دائما بخير وذو نظرة إيجابية في مشاعرك مع الجميع من حولك فلا خير في حياة بلا مشاعر، كن بخير واعلم بأنّه ليس بالضرورة أن تعجبك وتحبّ كلّ الروايات والقصص المكتوبة التي تقرأها.