ومضات وطنية في خطابات سلاطين النهضة
محمد بن سالم الجهوري
الثامن عشر من نوفمبر اليوم الذي ترنو إليه القلوب لما يجســده من حُب وعطاء وبــناء لباني النهضة المباركة جلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – الذي حدد المسار وسار على النهج القويـم في نقل وتحويل عُمان بعزيمة وإصرار وحُب ووئام يــدًا بيد مع أبناء هذا الوطن في مختلف نواحي الحياة؛ لتكون عُمان دولة حديثة توائم بين مكنوناتها التاريخية والحضارية والمتغيرات الحديثة والعصرية.
كانت ملامح البناء الوطني التي رسمها السلطان الراحل متفقة القول والعمل وهذا ما شهدته نهضة التحول الكبير في كافة ربوع عُمان وخارجها، فالحديث عن المنجزات والثوابت الراسخة التي وضعها عديدة لن توفي سطورنا البسيطة أي جزء منها، ويبقى الولاء والانتماء والعرفان للمسيرة الشامخة للمغفور له بإذن الله باقية في القلوب، وها هي الأيام تمر بنا بمناسبة وطنية يحتفل بها أهل عُمان بذكرى البناء والعطاء والعدل والسلام والحُب والوئام للسلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – الذي في خطاباته يرسم ويجسد روح الوطنية بكلماته الثابتة والراسخة في نفوس شعبــه.
فالمتأمل في خطاباته منذ بداية حكمه 23/ يوليو/ 1970م إلى 10 / يناير/ 2020م يجد التجسيد والحس والشعور الوطني الذي يخاطب به أبناء شعبه، ومنها قوله: (شعبي … أتحدث إليكم كسلطان مسقط وعُمان بعد أن خلفت والدي)، (أيها الشعب … سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل)، (شعبنا العزيز)، (أيها المواطنون الأعزاء … إنه لمن فضل الله علينا جميعا أن كتب لنا اللقاء)، (أيها المواطنون الكرام)، (ايها المواطنون الأفاضل)، (أيها المواطنون)، ( يا أبناء عُمان)، ( أيها الشعب الأبي)،( أيها الأخوة المواطنون)، (يا أبناء عُمان الأعزاء)، ( أيها الأخوة المواطنون: يا أبناء عُمان الحبيبة)، (شعبنا العماني العزيز)، ( شعبي العزيز.. كل عام وأنتم بخير ونحن جميعا نحمد الله ونشكره ونطلبه العون والتوفيق، أيها الأخوة المواطنون.. يا أبناء عُمان.. اليوم الثامن عشر من نوفمبر هو العيد الوطني لبلادنا) …
وغير ذلك من حروف وطنية راسخة نطق بها المغفور له بإذن الله لأبناء وطنه، وقد شاءت إرادة الله أن يحتفل الوطن بالعيد الوطني الخمسين للنهضة دون أعز الرجال وأنقاهم، كما شاءت إرادة الله في الذكرى الخمسين للنهضة بأن يتجدد العطاء ويزدهر البناء وتستكمل المسيرة في نهضة عُمان المتجددة بيد القائد الفذ الهُمام جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- والذي توسم فيه القائد الراحل الصفات والقدرات التي تُؤهله لحمل هذه الأمانة؛ فقد سار على النهج وحمل لواء العطاء والبناء لعُمان الغالية، وبإطلالة جلالته مخاطبًا أبناء شعبه في الحادي عشر من يناير 2020م قال في بعض كلماته: “بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الحكيم المتعال المحمود على السراء والضراء على حد سواء، سبحانه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، يدبر الأمر ما من شفيع إلا بإذنه، منه المبدأ وإليه الرجعى وله الحمد في الآخرة والأولى، والصلاة والسلام على خير أنبيائه ورسله وعلى آله وصحبه أولي الصدق والوفاء”.
وقد أشار جلالته لمكانة السلطان قابوس– طيب الله ثراه- في النفوس وللمسار والنهج المشرق بإذن الله لعُمان وأهلها حين قال بذات الخطاب: ” إن الكلمات لتعجز والعبارات لتقصر عن أن تؤبن سلطانًا عظيمًا مثله وأن تسرد مناقبه وتعدد إنجازاته، إن عزاءنا الوحيد وخير ما نخلد به إنجازاته هو السير على نهجه القويم والتأسي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه هذا ما نحن عازمون ـ بإذن الله وعونه وتوفيقه ـ على السير فيه والبناء عليه لترقى عمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها فكتب الله له النجاح والتوفيق”. ويبدأ جلالته بمخاطبة أبناء شعبه بروح الوطن والوطنية بقوله: (أبناء عمان الأوفياء)، (أيها المواطنون)، (أيها المواطنون الأعزاء)، (أيها المواطنون الكرام). نجد من ذلك النسيج المتكامل والبيئة القيادية والرؤية الحكيمة المتداخلة بعضها ببعض في شخصيات تجمع بين الولاء والوفاء والانتماء والفكر والنهج والمسار؛ وهو ما أشار إليه قادة لهم من الكلمات كتاب ولعلنا هُنا نورد ما قاله القائد الراحل صاحب السمو صباح الأحمد أمير دولة الكويت- طيب الله ثراه- عندما جاء لتأدية واجب العزاء في المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس – طيب الله ثراه- حيث التقى جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه- فقال كلماته المشهورة: (قابوس ما مات، الله يرحمه، وأنتم موجودون).
هكذا نجد أن عُمان منبع القيادة ففي حروف القادة العظام ترابط بين الكلمات ونهج ينسجم مع التوجهات ذاتها، مهما سطرنا من كلمات لا تفي حق قادة، لهم من الحكمة بناء ولهم من الصفات عطاء ،وبهم يتجدد الوفاء للإنسان العُماني في دولة عصرية ترتكز على التاريخ والحضارة، حفظ الله عُمان قيادة وشعبًا.