تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

استثمار الكفاءات

الدكتور: طالب بن خليفة بن سيف الهطالي
‏ Talib.oman@hotmail.com

تتفاوت المرحلة العمرية للإنسان بفترات عمرية بين القوة والضعف، يخرج هذا الإنسان إلى الحياة الدنيا ضعيفا لا يعلم من أمره شيئا فيتقدم في العمر ويقوى عوده وينمو عقله فإذا بلغ أشدّه أخرج ما لديه من طاقات ومواهب قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(القرآن:النحل.78)، فالشباب هم سر نهضة الأمم وعنصرها الرئيسي في تقدمها ونهضتها، حيث تبدأ الفترة العمرية لهم من بلوغ الخامسة عشرة تقرييا وتنتهي في الأربعين على أرجح الأقوال، قال تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)(القرآن:الأحقاف.15)، وتدل كلمة الشباب على أمرين هما: النماء والقوة، وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة آنفة الذكر، وتعتبر هذه المرحلة من المراحل المهمة في حياة الشباب لتميزها بالفتوة والقدرة على العطاء والإنتاج، ولمّا كانت هذه المرحلة من أهم المراحل في حياة الإنسان التي يتوجب استغلالها الإستغلال الأمثل واستخراج الكفاءات المتميزة منها بما ينصب في المصلحة العامة، فقد عُرفت الكفاءة Efficiency: بأنها العلاقة بين مدخلات العملية الإنتاجية ومخرجاتها، وقياس مؤشرات معدلات الأداء ومقدار الإنتاجية أو معدلات الغياب والحوادث والإصابات ومعدل دوران العمل.
ومن العوامل المساعدة على ظهور الكفاءات أيّاً كان نوعها (فنية، إدارية، صناعية، حرفية.. إلخ) منها: توفير البيئة المناسبة التي تمكّنهم من إبراز أفضل ما لديهم من مهارات وقدرات وكفاءات وتنفيذها على أرض الواقع واستغلال طاقاتهم الكامنة وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي تنصبّ في المصلحة العامة؛ ولا ريب أن القدرات تتفاوت من شخص لآخر، فتجد من يتميز بقوة الحفظ والقدرة على سرعة الفهم وقوة التحليل بينما البعض الآخر تجده يتميز بإتقانه الحِرَف أو المِهَن الأخرى كالزراعة أو النجارة أو الميكانيكا وغيرها من الحرف، ولايتّأتى ذلك إلا خلال توفير البيئة المناسبة التي تؤهلهم كالمدارس والمعاهد التقنية المهنية والفنية التخصصية للذين لم تسعفهم الظروف لمواصلة تعليمهم ليمتهنوا ما يبدعون فيه حتى يكونوا أفراداً فاعلين منتجين في مجتمعاتهم.
ولما للتعليم المهني والفني والتقني التخصصي من أهمية بالغة في تحقيق استدامة التنمية وإحياء المهن المهددة بالإندثار نجد أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ورد في تقريرهم مفاده أن التعليم المهني والتقني له تأثير إيجابي على إبراز طاقات الشباب وعطاءاتهم، فضلاً أنه يحقق النمو الاقتصادي ويساهم في تحسين فرص التوظيف، ناهيك أن معاهد التعليم المنهي والتقني لها دور فاعل في إبراز المهارات والقدرات لدى الشباب، وهذا ما نفتقر إليه، فقد ثبت أن لهذا النوع من التعليم دور في استدامة التنمية ويساعد على توفير البيئة الخصبة للشباب مما يكون له الأثر البالغ في الإبتكارات الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية التي تواكب متطلبات سوق العمل، وهي أداة لتعزيز القدرات وإطلاق العنان وتقوية النسيج الاقتصادي وتزويد الشباب بالمهارات المساعدة للنجاح.
وللرتابة اليومية في المجال الوظيفي وفي ظل غياب تطبيق الوارد في بطاقة الوصف الوظيفي الذي يبنى عليه التفويض الإداري اللازم لمزاولة متطلبات تنفيذ مهمام الوظيفة، وللتدخلات الغير مسوغة من الإدارة العليا التي ينتج عنها تغييب التمكين الإداري الذي يمكِّن الموظف من ممارسة أعماله بأريحية واتخاذ القرارت المناسبة في مجال الوظيفة، مما ينتج عن هذا كله تهميش كفاءات وطاقات لها من القدرات الذهنية والعلمية والعملية الأثر الكبير في تحريك عجلة التنمية إلى الأمام، لذلك تبرز أهمية التنظيم في العمل أنه يساعد على تحقيق أهداف المؤسسة في ضوء متغيّرات معايير الكفاءة واستثمار الموارد المتاحة، وتحفيز جهود العاملين وغرس قيم الولاء فيهم وتنمية حبهم للعمل، وخلق الجو المناسب الذي يكسبهم الاستقرار النفسي والوظيفي ويغرس فيهم ثقافة العمل الجماعي تحقيقاً لأهداف المؤسسة، وهذا من شأنه أن يساعد على رفع الكفاءة الوظيفية والزيادة الإنتاجية والاستفادة من الأساليب المتاحة لتطوير العمل، كما أنه يحافظ على استمرارية انسياب المعلومات بين الجماعات الرئيسة في المؤسسة، وضمان التواصل بين العاملين.
ويعمل التنظيم كذلك على إكساب مهارات التعامل والتكيّف مع ظروف العمل المتنوعة. فمع وجود نظام فاعل وكادر بشري مؤهل علمياً ومدعم بالخبرات العملية؛ فذلك كله يساعد على الانسجام والتوافق مع ظروف العمل والتعامل مع كافة الإشكالات وتخطيها باحترافية، حيث تكمن أهميته في تحقيق تنافسية عالية للإسهام في رفع مستوى الكفاءات الوظيفية، والارتقاء بمستوى الخدمات، وهذا لا يتأتّي إلاّ من خلال تجويد مهارات المديرين والعاملين واستخدام أساليب جديدة وحديثة في بيئة العمل.
تعيش المؤسسات في مختلف أنحاء العالم تحديات عديدة تتمثل في المنافسة، وسرعة التغيير والتحوّل المستمر بسبب استخدام التقنيات الحديثة وشبكات الأعمال والحاسبات وتكنولوجيا المعلومات، مما أدت إلى زيادة الطلب لاستقطاب الموارد البشرية الكفؤة المتسلحة بالعلم والمعرفة المتميزة بالمهارات والخبرات العالية لمواجهة التحديات الحديثة، والتركيز على الأعمال والفرق التي تتشكل فيها والموروث الفكري وعمليات المؤسسة الداخلية، وزيادة التمكين والمبادرة والاستقلالية مع التركيز على إدارة المعرفة بالطرق السليمة التي تضمن استمرارها.
وتمثل الموارد البشرية العنصر الرئيس في المؤسسة والعمود الفقري لها، فمن خلالها تتحقيق أهداف المؤسسة وتتبلور أهميتها في الدور المؤثّر الذي تلعبه في زيادة كفاءة المؤسسة وإدارتها، ومدى فعاليتها لأداء مهامها لاعتباره الناتج النهائي لكفاءتها وقدرتها على التميز والتنافس الداخلي والخارجي.
ولمّا كانت الموراد البشرية من أهم مدخلات النظام في المؤسسة وركنها الأساسي التي يتم تفعيلها بشكل متناسق مع حركة المتغيرات وتدفق المعلومات، بحيث يعكس ذلك على مدى استيعاب المؤسسات لأهمية العنصر البشري ووضوح بيان الرؤية الإستراتيجية وكفاءة القيادة الإدارية وتطور فكر القائمين عليها مع تحري الدقة في تحليل المواقف واستكشاف المداخل الأكثر جدوى في التعامل مع قدرات وخصائص العناصر البشرية في المنظمات، وهنا يجب على المؤسسة أن تعمل بجد لاستثمار تلك الطاقات والاهتمام بها وتنمية مهاراتها وإتاحة المجال للكفاءات منها للإبداع والتميّز من خلال منح التمكين اللازم –وهو أساس تطبيق مفهوم نظام اللامركزية الإدارية- لكل مستوى إداري لممارسة الأعمال المنوطة بموجب الاختصاص الوظيفي لإظهار طاقاتها وإبداعاتها.
ولا ريب أن الموارد البشرية واحدة من المكونات الأساسية لرأس المال الفكري ومورداً أساسياً للعديد من الصناعات مثل تطوير البرامج والاستشارات وخدمات المال وغيرها، وتعتبر المورد غير الملموس من القدرات والجهد والوقت المبذول للاستثمار في العمل، على إن إدارة الموارد البشرية هي الأساس في خلق القيمة باعتبارها العامل القادر على التحكم في تهيئة الجوانب الهيكلية والبعد الخاص بالعلاقات من منظور التكامل بينهم، وتتحقق كفاءة الأداء كلما كانت قيمة المخرجات أكبر، وزيادة حرص المؤسسة على تحقيق أقصى استخدام لمواردها البشرية، فإن ذلك سيساهم في تحقيق الكفاءة المنشودة، ويمكن التعبير عن كفاءة أداء المؤسسة من زاويتين هما: أداء المنظمة وأداء العاملين، حيث يقاس أداء المنظمة من خلال العائد على الاستثمار، أو من خلال الحصة السوقية أو مستوى الجودة، ولذلك فإنه يجب تهيئة المناخ المناسب للكفاءات الشابة من خلال إعادة فتح المعاهد المهنية والتقنية، وفي المحيط العملي فإن منح الثقة للعاملين في المستويات الإدارية المختلفة له الأثر البارز في ظهور الإبداعات والاختراعات في المجالات المختلفة فالأمم تبنى بأيدي أبناءها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights