كورونا يُفقدنا الكثير
إيمان بنت مهنا المزروعية
لم يعد الحديث عن الوفيات والإصابات بكورونا شيئاً مُخيفاً أو مدهشًا كما كان في بداية انتشاره.
أخشى أن أقول بأن الأفراد قد اعتادوا على سماع أخباره المؤذية. أتساءل كل يوم من سيكون التالي؟
كورونا يُفقدنا الكثير إننا لا ننجو منه، إنه يحشر أنفه فينا ويجبرنا على أن نتوجّس من كل شيء، إنه رغمًا عنا ما يزال بيننا وحولنا.
ذاك الضيف الثقيل الذي سرق كل شيء ولم يرتوِ بعد، لقد أفقدنا لذة الألفة في التجمعات والزيارات فأصبحت مقلقةً مليئة بالخوف، إلى جانب الخسارات الاقتصادية الهائلة وحالة الركود واليأس ومشاعر الحزن التي تسيطر علينا جميعاً.
كما أرغمَنا على التعليم والعمل عن بُعد ولتلك أيضًا زوايا مظلمة، أنه أيضًا أفقدنا أعظم ما كُنا نملك، إنه أفقدنا الاطمئنان.
كورونا كان جشِعًا للغاية كالولد العاقّ ما أقساه، تمثّل الجشع الفعلي لكورونا حينما قتل الاطمئنان ووأده من قلوبنا.
المزعجُ أن يحاصرك القلق والتوجس في يومك ويضيّق دائرته عليه فيخنقك بالشكّ الذي لا يقين له وأن يصبح القلق خليلك.
فمثلًا وأنت ذاهبٌ للسوق مرتديًا كمامك الطبي متوجهًا لمحل المواد الغذائية يساورك الشك هل أعقم مقبض سلة التسوق أم أرتدي القفازات الطبية؟ أم اكتفي بحمل مشترياتي دون وضعها في السلة؟ ألا تعتبر هذه التساؤلات متعبة ومهلكة؟ إنها من فعله لا أطال الله في عمره.
وأنت ذاهبٌ لمقر عملك تمارس واجب إلقاء التحية على زميلك في المكتب، ثم تعود لمكتبك وتحاصرك هواجسك السيئة تجاه ما فعلت، ثم ستكمل بقية يومك بين النكد والشك خائفًا ما إذا كانت تلك التحية ستودي بحياتك للجحيم، أو حياة أفراد أسرتك الذين ستقابلهم وتجتمع معهم في البيت.
إنه يشاركنا أبسط اللحظات وأعظمها ، إنه يُفقدنا الكثير ويعلمنا بأن الخوف أعظم وأبشع مرض قد يصيب الإنسان.
فالخوف يتلف ذواتنا كثيرًا ويمزق صفونا وسلامنا الذاتي. كورونا حلَلت ضيفًا ثقيلًا ومكثتَ أثقل، بالله فارِقنا ودَعنا نعيش آخر ما تبقى من عمرنا باطمئنان. جُد علينا بالرحيل لأنك نخرت عظام الأمل نخرًا مميتا.
قاتل الله كورونا وقصّر عمره، وأمدّنا بالصحة ووافر السلامة نحن ومن يعز علينا.