وليّ الأمر.. بين مطرقة “كورونا” وسندان التقنية
خميس البلوشي
ها هي التجارب تتوالى وتتراكم في كثيرٍ من المجالات ومنها المجال التعليميّ والمتمثّل في العملية التعليمية، حيث ظهر لنا ونحن نتأمّل انحسار جائحة “كورونا” في واقعنا التربويّ بوجهٍ عامّ، والتعليمي بشكلٍ خاصّ، وجود عدّة تحدّياتٍ متجدّدةٍ ومتجذرةٍ في أصلها، ألا وهي الأمّيّة التقنية بين العديد من أفراد المجتمع، لأننا فعلاً كنّا وما زلنا نعيش أمّيةً تكنولوجيةً إن صحّ التعبير في مجال تكنولوجيا التعليم، حيث أنها تبدأ من اللبِنة الأساسية في المجتمع “الأسرة” إلى اللبنة الأمّ في التعليم “المدرسة” وهنا يمكنني أن أشير إلى عدّة مستوياتٍ منها: – مستوى الهرم الأساسي بوزارة التربية والتعليم إذ يجب عليه توسيع دائرة التثقيف ونشر الوعي لهذه التقنيات التكنولوجية من برامج وكيفية التعامل مع آلياتها. – المستوى التربويّ “المعلّم”، إذ يجب على المعلم أن يسلّح نفسه ذاتياً وأن يتسلح بمعرفة العديد من هذه التقنيات كالتطبيقات والبرامج وخصاصة تخدم تقديم المحتوى والأنشطة التفاعلية ووسائل التقييم المختلفة. – وكذا مستوى العنصر البشري المستهدَف “التلميذ” أو” وليّ الأمر” وما سوف يرهق كاهله خلال هذه الفترة من تحدياتٍ اقتصادية، واجتماعية، ونفسية. – على مستوى نوعية التعليم والتعلّم والوسائل المعينة لتعليم التلميذ وما سوف يتلقّاه؛ إذ نجد أنفسنا بين مطرقة “كورونا” وسندان هذا النمط من التعليم، عكس ما كان يطلق عليه “التعليم المباشر” وهنا أصبحنا نلاحظ ونتخوّف من القادم، من تعدّدٍ في نمط التعليم والذي لا يدركه وليّ الأمر. ويظهر جلياً ما يسمى بالطبقية المعرفية الموجودة في أبسط حقٍّ إنسانيّ، وما يجب أن يتلقاه الأشخاص أو الأفراد وهو حقّ التعليم والتعلّم وحُبّ المعرفة والاستطلاع، وهذا على قدر ظنّي من المحاور الأساسية التي يجب علينا طرحها ومناقشتها وتحليلها للخروج بحلولٍ تخدم المجتمع بشكلٍ عامّ، والأفراد بشكلٍ خاصّ، وذلك في مجالٍ نعتبره الأول من حيث مساهمته في دفع قاطرة التنمية المستدامة. إن وباء “كورونا” أودى بمطرقته على واقعنا وأنظمتنا الاجتماعية والاقتصادية والتربوية وغيرها، فأظهر لنا الكثير من الخلل في هذه الأنظمة، مسبباً لنا خللاً مستحدثاً، وأضاف لنا أزماتٍ وتحدّياتٍ كانت مترسخة في واقعنا، وإذ بنا نرى تحدٍّ ومعاناةٍ جديدةٍ ألقتْ على عاتق وليّ الأمر واستحكمت حلقات هذه المعاناة عليه وكان ضحيتها وما يزال التلميذ، إن لم نتكاتف سوياً كمجتمعٍ وجهاتٍ مسؤولة عن التعليم والقطاع الخاص لدفع هذه المطرقة والمضيّ للأمام والعمل دون كللٍ أو ملل.
وها نحن نسأل أنفسنا سؤالاً:
هل سيستطيع أبناؤنا وطلّابنا تلقّي التعليم في وضع التعليم عن بعد؟ وما مدى نجاعة ونجاح التعليم في ظل أمّيةٍ تكنولوجيةٍ ما زالتْ ترمي بظلالها على أغلب أطياف المجتمع – أولياء الأمور – المعلمين؟
وهل سنتجاوز هذه المرحلة من رقمنة التعليم وتعميمه، كما فعلت بعض الدول المتقدمة في هذه المجال كسنغافورة وغيرها؟ وكيف سيتعامل وليّ الأمر مع المقررات والبرامج التعليمية لمساندة ابنه/ ابنته؟ وماذا عن الإطار التربوي “المعلم” ودوره في الرقيّ بمستوى التعليم والتعلّم عن بُعد في التعامل مع المهارات والمعارف التي تلقّاها خلال فترةٍ وجيزةٍ على منصّات تعليميةٍ كــ(google class room )؟ وماذا على ولي الأمر والذي لا يعرف عن مدى صدى هذا الذي يعتبره ضجيجاً معرفياً؟ وهل تعلّمَ وبحثَ وارتقى لمعارف ومهاراتٍ تكنولوجيةٍ تساعده إلى أن يقوم بدوره في متابعة تعلّم ابنه؟ وهل استوعب جيداً أننا دخلنا عصر التكنولوجيا والرقمنة في تعلمينا ام أنه ينتظر مطرقة “كورونا”؟