في رحاب مولد خير البشر
د . عبدالحكيم أبوريدة
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد:
تمرّ بنا في هذة الأيام ذكرى عطرة ، وهي ذكرى ميلاد سيد البشر، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولقد كان العالَم قبل ميلاده مظلماً، كان القويّ يأكل الضعيف، والغني يستعبد الفقير، وصل العقل البشري إلى أقصى درجات الانحطاط، وسجد الإنسان للحجر والشجر، فأراد الله أنْ يُنقذ البشرية من الضياع، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، فبعث إليهم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف حائراً، لا يدري مِن أيّ بابٍ يدخل، ولا عن أيّ صفاته يتحدث، ولا عن أيّ خصاله يتكلم، فأنّى لقطرة الماء أنْ تصف البحر، وأنّى لذرّة الرمل أن تصف الجبل، وأنّى للهباءة أن ترسم الشمس، فمبلغ العِلم فيه أنّه بشر، وأنه خير خلق الله كلهمِ.
اختار الله لرسوله الزمان الذي يولد فيه، فوُلد في عام الفيل، في هذا العام الذي بنى فيه أبرهة الحبشي كنيسةً عظيمةً سمّاها- القُلَّيس- ونصب فيها صُلباناً من العاج والذهب والفضة، وأراد أن يحجّ الناس إليها بدلاً من الكعبة، فسمع بها رجلاً من العرب، فذهب إليها ولطّخ جدرانها بالعَذُرة وقال إنها ليست لذلك أهلاً، علِم أبرهة بما فعله هذا الرجل العربي، أقسم ليهدمنّ الكعبة، فجهّز جيشاً جراراً، يقتل كلّ من اعترضه، حتى وصل إلى مكة وحمى الله بيته وسجل ذلك في كتابه العزيز، والقصة معروفة في كتب السير.
واختار الله لرسوله الشهر الذي يولد فيه، فولد في شهر ربيع الأول وكان لهذا الشهر منزلة عند العرب، إذ كان المطر ينزل فيه، فينبت العشب، وتخضرّ الأرض.
واختار الله لرسوله اليوم الذي يولد فيه، فولد ليله الإثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول.
واختار الله لرسوله المكان الذي يولد فيه، فولد في مكة أحبّ البقاع في الأرض إلى الله، وأحبّ البقاع إلى رسول الله.
واختار الله لرسوله الاسم الذي يُسمى به، فسمّاه محمداً -والمحمد هو الذي جمع المحامد كلها- ولقد سُئل عبدالمطلب جدّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك – لمَ رغبت عن أسماء آبائك وأجدادك وسميته محمداً فقال: (ليكون محموداً في الأرض وفي السماء).
والحديث عن رسول الله لا ينفذ ،مما لا يتّسع هذا المقال الصغير لاستيعابه ولكنه جهد المُقل.
إني لأرجو من يمينكَ شربـةً
وبدار عدنٍ في جواركَ مَنزلا،
صلَّىٰ عليكَ اللهُ يا عَلم الهُدى
ما هَلَّ مزنٌ أو تراكـمَ مُقبـلا
فاللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وختاماً نسأل الله أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين، وأن يرفع عنّا البلاء والوباء، وأن يجعل هذا البلد آمناً مطمئنّاً وسائر بلاد المسلمين.
والحمدلله الذي هدانا لهذا، وما كنّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.