مفاهيم خاطئة عن التعليم والتعلم
سلطان بن محمد الرشيدي
هل وظيفة المعلم توصيل المعلومة؟
ما هو التعلم؟ وما المقصود بالتعليم؟
من الاعتقادات الشائعة عند الكثير من الناس أن ‘التعليم’ عبارة عن ‘نقل المعلومة’ من المعلم إلى المتعلم ‘ والتعلم’ يعني استقبال هذه المعلومة وحفظها.
وقد سمعنا أكثر من مرة عبارة من أفواه المعلمين، وهي أن: ” وظيفتي الأساسية نقل المعلومة للطالب “!
للأسف الشديد هذا مفهوم خاطيء لحقيقة التعلم والتعليم .
أولاً، في هذا العصر الذي شهد تطورات تكنولوجية هائلة، يمكن أن يحصل الطالب على المعلومة من مصادر مختلفة وبسهولة بالغة.
فبضغطة زر يفتح فيديو عن الموضوع الذي يريد أن يطّلع عليه أو يحمّل كتاباً أو يقرأ مقالاً. كل هذه الوسائل يمكن أن تنقل المعلومة للطالب ويمكن أن نقول أنها قادرة على نقل المعلومة بشكل أفضل وأكثر إثارة ومتعة باستخدام مؤثرات تشد الانتباه أكثر من سبورة المعلم التقليدية !
فإذن هل يمكن أن نستغني عن المعلم؟ إذا كان التعلم مجرد نقل معلومات فنقول أننا لسنا بحاجة للمعلم ولا للمدرسة، فالبدائل متاحة.
لكن إذا غيّرنا مفهومنا للتعليم والتعلم، سنجد أن جميع التقنيات الحديثة لا يمكن أن تقوم مقام المعلم.كيف ؟
نقول في البداية أن كل علم موجود اكتشفه شخص في البداية بدون معلم عن طريق التساؤل والنظر والتفكير والبحث والتقصي. ونحن في رحلتنا لطلب العلم لا فرق بيننا وبين المكتشف الأول إلا في أمر واحد، وهو أننا نحاول أن نصل لنفس العلم عن طريق مساعدة المعلم. فالمعلم معين لنا على الوصول للمعلومة ولكن لا يمكن أن نصل بدون أن نسعى إليها.
وكما أن المكتشف الأول فكّر وأرهق ذهنه حتى توصل للعلم فنحن أيضا يجب أن نفكر ونعمل عقولنا لكن مهمتنا أسهل بسبب وجود ‘ الدليل’ وهو المعلم.
في الحقيقة لا يوجد شيء يسمى تعلّماً سلبياً، وطرق المعلومة في رأس المتعلم يسمى حشواً، وهذا الحشو سيُفقد عاجلا أم آجلا وسينسى بعد الاختبار.
ما هو دور المعلم ؟
قيل قديماً: العلماء أدلة الطريق وكذلك المعلم الآن. المعلم يجب أن يدل الطالب في طريقة لطلب العلم عن طريق التحفيز وإثارة الفضول العلمي وعن طريق طرح الأسئلة التي تفتح للطلاب آفاق جديدة.
ومن مهام المعلم أيضاً تعريف الطالب على العلوم بالتدريج، فالعلوم مرتبة وبعضها يكون مقدمة للآخر.
ومن مهامه أيضاً تصحيح الأخطاء وتوجيه الطالب لمعرفة نقاط ضعفه وتقديم المشورة.
خلاصة الكلام أن التفكير والتأمل جزء لا يتجزأ من التعلم الحقيقي، وحفظ المعلومة وترديدها في الاختبارات بدون فهم حقيقي لأبعادها ولماذا يجب تعلمها، وما الفائدة، وما هي تطبيقاتها العملية، …الخ لا يعد تعليماً حقيقياً، إنما هو مجرد حشو معلومات كأن الطالب عبارة عن وعاء فارغ تسكب فيه هذه المعلومات.
إن فهم المعلم والطالب لطبيعة التعلم سيكون له آثار إيجابية منها المسؤولية؛ وسيدرك الطالب أن المعلم ليس كل شيء، بل هو المسؤول، والمعلم معين له، ومن آثاره التعلم النشط الذي يشارك فيه المتعلم.
فبدل أن يقدم المعلم المعلومة على طبق من ذهب سيبدأ يزرع في الطالب الفضول العلمي والتساؤلات.
وفي النهاية نقول إن ما يتعلمه الطالب من معلومات في المدرسة قد لا يحتاج إلى معظمها في حياته، لكن إذا تعلم الطالب في المدرسة التفكير والتأمل واشتعل عنده الفضول العلمي سيبقى كل هذه معه طول عمره، وما أحوجنا لهذا.