وجوه تلون سماء حياتنا
ثرياء قاسم
وجه الإنسان هو مرأته يعكس ما بداخله من إنفعالات مختلفة وردود فعل على المواقف التي يتعرض لها حتى الضغوطات النفسية التي قد يعاني منها، وهي تظهر جلية واضحة على وجوه معظم الأشخاص فنادرة تلك الوجوه المصطنعة التي يستطيع أصحابها رسم إنفعالاتهم على حسب ما يريدون هم لا على ضوء ما يحدث معهم من أحداث.
يوجد في حياتنا وبشكل عام وجه قد يشعرك بالإرتياح وآخر يشعرك بعدم الإرتياح وسبحان الله لكل شخص معايره المختلفة التي تجعله يحكم على وجوه الآخرين ويصنفهم على أساس تلك المعايير التي تخصه وتنعكس من داخله وتنبثق من خلال أفكاره وما يختزله عقله من تجارب وقلبه من مشاعر.
وجه بشوش مبتسم يشعرك بالراحة عندما تلتقي بصاحبه تتعامل ومعه بكل أريحية وكأنك تعرفه منذ أمدٍ بعيد لإن صاحب هذا الوجه بإبتسامته الوادعة يجبرك بوده المرسوم على ملامح وجهه أن ترتاح له وينشرح صدرك له ولحديثه لإنه صاحب الوجه البشوش الذي ينشر الإبتسامة إنما حل ويدخل لقلوب الناس من دون إذن لإنه لا يحتاج إلية فإبتسامته الصادقة تعتبر تذكرة دخول مباشرة لكل القلوب النابضة بالحب والمفعمة بالحياة .
ويوجد وجه عابس ملامح وجهه تجعلك غير قادر على التعاطي معه ولا مبادلته حتى النظرات الحانية المعبرة عن التعاطف البشري البحت فتشيح بناظريك عنه حتى لا ترى ذلك العبوس الذي قد يؤثر بشكل سلبي في مشاعرك وإذا إضطررت إضطراراً للتعامل مع صاحب الوجه العبوس فإنك تحاول أن تنتقي المفردات المختصرة قدر المستطاع لتنهي تلك المحادثة في أسرع وقت ممكن وتحاول جاهداً أن لا تكرر تعاملك معه لإنه وبكل بساطة لم يدخل إلى قلبك ولم ترتاح له نفسك لإن الطبيعة البشرية بفطرتها تميل إلى الإنشراح والانبساط لا إلى العبوس والإمتعاض.
وهنالك بين مفترقات الطرق قد نجد الوجه المعتدل في ملامحه الذي يوحي بالثقة لرزانته والإنشراح لإبتسامته البسيطة الغير متكلفة ولا متملقة، وجه واثق من نفسه ومن إمكانياته ومما يستطيع أن يقدمه، ولله العلم فصاحب هذا الوجه يستخدم قولة تعالى «لا يكلف الله نفساً الإ وسعها» لذلك فهو ينعم براحة البال التي تجعله مصدر موثوق منه لمن يحيطون به أو يتعاملون معه وهذا النوع من الوجوه يجذبك للتعامل معه وتبادل المصالح الدنيوية بكل أريحية .
نأتي هنا الي ذكر أن ليس كل ما هو ظاهر يكون حقيقي فالمظاهر أحياناً تكون خادعة وبشكل غير متوقع فتنصدم عندما تتبادل الحديث مع وجه مبتسم وتكتشف مقدار الألم الذي تعرض له في حياته وقد لا تستوعب المعاناة التي يعيشها ومقدار المرارة التي يجترعها ويتماشى معها ويظل مبتسماً بشوشاً ضاحكاً ينشر السعادة على وجوه الآخرين ، وقد تنصعق عندما يعترضك وجه عابس ليتجاذب معك أطراف الحديث فتكتشف ثقافته العالية وأفكاره الرائعة وأحداثه التي أسهمت في رسم ملامح الوجه العابس على وجهه، وقد تختلف معك المفاهيم وتتغير النظرة التي ترسمها لأول وهله لوجه يمر عليك عندما تتعامل مع الوجه المعتدل وتمنحه كامل ثقتك وفي لحظات تتلاشى تلك الثقة من خلال أسلوبه في الحوار أو تفكيره الغير منطقي تجاه الأمور.
مهما إختلفت الوجوه و ملامحها تختلف معها حقائق الناس وطبائعهم التي لا تأتي على نفس الموال وقد لا تكون متناغمة مع ملامحها هنا يجب أن نقف لنتعلم الدرس ونفهمه ونطبقه في أثناء تعاملاتنا مع الوجوه المختلفة لا تحكم على أي وجه من خلال الإنطباع الأول وكفى بل وجب عليك التعمق والتغلغل لكي تحكم وتستطيع إيجاد الطريقة والأسلوب المناسبين للتعامل مع كل وجه حسب طبيعته الحقيقية لتعطي كل ذي حق حقه ولا تهضم حق أحدٍ مهما كانت ملامحه ومهما أوحت لك تلك الملامح .
رزقكم الله وأيانا وجوهاً بشوشة سمحة مع نفوس جميلة متسامحة تسعى لخير الجميع ولصنع الإبتسامة وترك أروع أثر في نفوس المحيطين بنا.