2024
Adsense
مقالات صحفية

نظريات القيادة النظرية البيروقراطية

د. سعيد بن راشد الراشدي

اهتم المؤرخون بالقيادة منذ زمن بعيد، لما حظيت به من مكانة في المجتمعات القديمة التي أولتها اهتماماً كبيراً. وبتطور المجتمعات تطورت القيادة وتعاظمت أهميتها في المجتمعات الحديثة في كافة القطاعات. ولم تشذّ القيادة التّربويّة والإدارة المدرسية عن ذلك لدورها الفعّال في نجاح العملية التّعليمية التي هي أُسّ كل نجاح.
وخلال العقود الماضية تراكمت قاعدة معرفية واسعة وراسخة من النظريات والمبادئ والمفاهيم القيادية والإدارية والتنظيمية نتيجة الأبحاث والدّراسات المكثفة في حقل الإدارة. وأفضى هذا الجهد الكبير في التعريف والتصنيف والتبويب، وهذا النقاش الجدّي بين الكتاب والمفكرين إلى ظهور النظريات القيادية.
ويُعدّ عالم الاجتماع (ماكس فيبر)، رائد النظرية البيروقراطية، ولذلك فإنه لم يعتنِ بإدارة المشروعات الفردية فحسب، بل اهتم بالمؤسسات الكبيرة بوصفها وحدات اجتماعية. ويعتبر مفهوم البيروقراطية من أقدم الأفكار والأساليب البشرية، نظراً لدلالاته المتعددة والتي تتباين وفق الهدف من وراء استخدام هذا المفهوم. فنجد معنى البيروقراطية متمثلا في التنظيم الإداري الكبير الذي يتميز بصفات محددة، وكذلك في مجموعة من التدابير والإجراءات التي يجب اتباعها في مجال العمل داخل المكاتب أو التنظيمات الإدارية.

وقد قسم (ماكس فيبر) هياكل السلطة في نظريته كما جاء في (عطوي، 2004) إلى ثلاثة أنواع تتمثل في:
النوع الأوّل: السلطة البطولية الكاريزماتية.
النوع الثّاني: السلطة التقليدية.
النوع الثّالث: السلطة القانونية الرشيدة.
وقد بين (ماكس فيبر) في دراساته الفرق بين هذه الأنواع الثلاثة، وأوضح أنه لا يمكن أن يشملها تنظيم واحد. وأشار إلى أن النوع الأوّل يمارس السلطة من خلال المواصفات الشخصية، أما النوع الثّاني فإنه يمارس سلطته من خلال مركزه في التنظيم ومن خلال العادات والتقاليد الموروثة، في حين تكون ممارسة النوع الثّالث لها من خلال الشكل البيروقراطي للتنظيم.
وتتمثل الأسس القيادية التي يقوم عليها التنظيم البيروقراطي المثالي كما أوضحه (ماكس فيبر) وكما جاء في (عطوي 2004) في الآتي:
أ. مجال التخصص الوظيفي محدد رسمياً وثابت.
ب. توزيع الأعمال بين أعضاء التنظيم لتسيير النظام البيروقراطي بإسلوب ثابت ومحدد.
ج. توزيع السلطات اللازمة لإعطاء الأوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي وثابت.
د. هناك طرق وأساليب محددة للعمل وتنفيذ المهام والواجبات.
ه. ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذاً شكلاً هرمياً.
و. يتم تطبيق القواعد والتّعليمات اللازمة للعمل بصورة شمولية وعامة تتصف بالثبات النسبي.
هذه الجوانب الإيجابية للنظرية البيروقراطية لم تمنع من ظهور بعض الانتقادات التي وجهت لها من خلال الدراسات التي تمت في إطارها والتي تمثلت في:
أ. إهمال الجوانب الإنسانية للعاملين في المؤسسة. بحيث إنها ركزت كثيراً على الجوانب العملية وغفلت عن الروح الإنسانية والتي يجب أن يهتم بها في المؤسسة.
ب. تتركز السلطة في اتخاذ القرارات في المستويات العليا من الإدارة بمعنى عند الرؤساء والقادة فقط ودون العاملين في المؤسسة.
ج. النموذج البيروقراطي لا يعترف بأثر المجتمع في التنظيم، ويعدّه نظاماً مغلقاً لا يتأثر بالبيئة أو يؤثر فيها.
د. ترى النظرية أنه يجب فصل العامل في عمله عن حياته الخاصة. حيث نجدها تهتم كثيراً بعدم التداخل بين ما يقوم به العامل في المؤسسة وبين حياته الخاصة. (جرادات، وآخرون،2019).
ومن هنا وبعد هذا الطرح في النظرية البيروقراطية نجدها تهتم بالجوانب العملية بصورة كبيرة، مع إهمال الجوانب الإنسانية للعاملين في المؤسسة، على الرغم إن نجاح أي مؤسسة يرتبط ارتباطا كبيرا بالاهتمام بالجوانب العملية والإنسانية بشكل متوازن، لما لذلك من مردود إيجابي على مختلف جوانب العمل بالمؤسسة، والوصول للأهداف المبتغاة بأقل جهد وأقل تكلفة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights