أعيدوا لنا إسلامنا
عبدالله بن حمد الغافري
alssedq@hotmail.com
الحمد لله الذي جعل الدين هو الإسلام، والصلاة والسلام على رسول السلام والإسلام، وعلى آله وأصحابه خير من حمل رسالة الإسلام وعلى كل من تبعهم على ملة الإسلام إلى يوم القيام.
منذ أن وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا صادعا بالإسلام ولا يزال صوته صلى الله عليه وسلم مدوياً في الآفاق وفوق المحيطات يتردد ب
{لا إله إلا الله محمد رسول الله} ولا زالت كلمة الحق تسري في كل حجر ومدر رغم كل الخطوب..
ولكن لم يخْلُ صوت الحق من أبي لهبٍ معانداً يقولها وبلا خجل ولا ضمير: تباً لك ألهذا جمعتنا، ورغم بجاحة الخصم ودناءته كونه أعرف الناس برسول الحق كونه ابن أخيه وكونه صهره الذي كرمه بزواج كريمتيه لولدي أبي لهب الطاغية عتبة وعتيبة؛ إلا أنه لم يذكر ذلك الخير وأبى إلا أن يكون خصماً لله ولرسوله ولدعوة الحق.
كما أن إبليسَ اللعين لم يزل ينتج أمثال أبي لهب الكثير والكثير ممن يكيدون لنور الله ليطمسوه ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
وفي زماننا وبعد أن وجد الهوانُ طريقَه إلى أمتنا وجدنا من يرث صوت أبي لهب ويعمل بمقتضاه فكم رأينا مستشرقاً يدرس علوم الشرق ليكيد لأهله ويزرع الفتن فيما بينهم وكم رأينا من (مستغربٍ) تاقت نفسه إلى الحضارة المادية الغربية فحسبها نموذجَ التطور والتحضر ولم ينتبه للخواء القيمي والذل الحيواني الذي وصل إليه إنسان تلك الحضارات حتى أصبح الإنسانُ مجردَ سلعةٍ تباع وتشترى وتستخدم حسب المردود المادي حتى رأينا أن المريضَ يموت دون علاج فقط لأنه ليس لديه تأمين صحي!!.
وهكذا خرج لنا من يسمون أنفسهم بالمفكرين من أمثال رفاعه الطهطاوي وأحمد أمين وطه حسين الذين عشقوا الشمال العلماني ونسوا أصلهم الجنوبي فأخذوا ينادون بتحرير المرأة وترك الشرائع الإسلامية وقالوا كما يصورهم أبو مسلم البهلاني رحمه الله تعالى/
هلمّ بنا نقطع حبالةَ ديننا..
إذ الدين عن حبل التمدن قاطعُ!
ونذروا وصايا الله في الأرض تربةً..
فليس بها – أستغفر الله- نافعُ
إلى ظهور الاستعمار الجديد؛ استعمار التبعية العمياء والدوران في فلك المنتصرين من الحلفاء في المجزرة العالمية الثانية التي جعلت من الضعفاء قنطرة يعبرون بها نحو غاياتهم الشهوانية ورغباتهم التوسعية لتسويق سيطرتهم القهرية على الشعوب المستضعفة وكان لقومنا نحن العرب النصيب الأكبر في القهر والإذلال حتى مزقونا دويلاتٍ وأقاليمَ وشعوباً متنافرةً كالجزر المتناثرة! وكان إسلامنا هو الخصم العنيد الذي تتم محاربته بلا هوادة في نواحي الحياة كلها، حتى تم محو كل المسميات التي تذكر الإسلام من كل أرشيفات الدول والشعوب الصغيرة المقهورة!.
أعيدوا إلينا إسلامنا.. نعم نقولها بملء أفواهنا.. إسلامنا لم يشرع ليكون دين مسجدٍ أو جامعٍ؛ إنما هو دين الحياة والشارع..
دين مجتمع نابض دين أحكام وقوانين وانضباط دين أسرة ومعاملات دين معسكر وجهاد دين قضاء وعدل دين عفة وستر دين أخلاق وسلوك، دين قوة وعزة ومنعة من عاش في ظله يحيا سعيدا مطمئنا ومن مات دونه مات شهيداً.
إن الإسلام بشرائعه إنما أوجبها الله تعالى لتستقر حياة أتباعه من المسلمين؛ يهنأون بالكرامة والعزة ويحفظون الحقوق والأعراض ولكن من زاغت قلوبهم عن الحق أبوا إلا المخافة تبعا لأهوائهم وعقولهم القاصرة؛ فالإسلام يقول (يدنين عليهن من جلابيبهن) والمائلون إلى الشهوات ميلاً عظيماً يريدونها مجرد متعة ولذة تخرج في كامل زينتها ليموت حياؤها وتأسر الرجال!.
الإسلام يقول (وشاورهم في الأمر) وليس ما أريكم إلا ما أرى
الإسلام يقول (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) وليس يتبرجن ليراهن العامة.
الإسلام يقرر أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن الذين لا يعلمون يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة.
الإسلام يقرر ولا تقربوا الزنا لكن حضارة زماننا تعتبره علاقة تطورية! رومنسية!!.
الإسلام يقول (إنما الخمر والميسر والأزلام والأنصاب من عمل الشيطان) وأصحاب الأهواء يقولون مشروبات روحية وتواصل سياحي ونمط عالمي!.
الإسلام يقول (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) والمغرضون يقولون حرية شخصية!.
الإسلام يقول (إن الدين عند الله الإسلام) والمتنطعون يقولون حرية الأديان تحت مسميات التسامح والتواصل العالمي و.. و.. إلخ، وقد تبخر الإسلام تحت هذه المسميات حتى صارت حريةً لاعتناق كل فكر زائغ عدا الإسلام! فكل ما عدا الإسلام فهو في نظرهم (دين) ولو كانت عبادة لفئران أو أصنام! وأما الإسلام فما هو إلا دين إرهاب كما يزعمون (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء).
إن هذا الوضع المأساوي الذي وصلت إليه أمتنا يجب أن ينتهي وأن هذا الانحدار يجب أن يتوقف!؛ لأنه لم يولد سوى الضعف والذل والتبعية وأخيراً التطبيع مع العدو الغاصب! فأين التطور الذي حصل من هذا كله؟ أين أموال الأمة؟ أين علماؤها أين مفكروها أين صناعاتها أين استقلالها الاقتصادي والسياسي والعسكري أين فتوحاتها أين حريتها أين كرامتها أين حقوقها بين الأمم أين أراضيها المحتلة أين وجدانها..؟؟
كل تلك الهنات وكل تلك السقطات لم ولن تكون لولا محاربة هذا الدين والتخلي عنه، وكل من ساهم في هذا الانحدار فإنه سيحاسب أمام هذه الأمة إن كان عاجلا أو آجلا كما سيحاسب أمام الله تعالى يوم الدين..! ومن ذا الذي يقوى على مواجهة حساب الله سبحانه
(فَإِذَا نُقِرَ فِی ٱلنَّاقُورِ فَذَ ٰلِكَ یَوۡمَىِٕذࣲ یَوۡمٌ عَسِیرٌ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ غَیۡرُ یَسِیرࣲ)
[سورة المدثر 8 – 10].
لا عزة بدون الإسلام وقد قالها الفاروق قبل خمسة عشر قرنا : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله..
فيا أمتنا الكريمة المكرمة العزيزة عضوا على إسلامكم بالنواجذ واقذفوا الخلافات وراء ظهوركم واقبلوا على الله تعالى بنفوس راضية وبقلوب نقية طاهرة وأوقدوا قبس الإيمان في سرائركم يهديكم الله إلى نوره بمشكاة الحق وينصركم على كل باغٍ وظالم ويمكّن لكم في الأرض..
(وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ)
[سورة آل عمران 139].
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ یَنصُرۡكُمۡ وَیُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَتَعۡسࣰا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُوا۟ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلَهُمۡ ۞ أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡۖ وَلِلۡكَـٰفِرِینَ أَمۡثَـٰلُهَا ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَأَنَّ ٱلۡكَـٰفِرِینَ لَا مَوۡلَىٰ لَهُمۡ)
[سورة محمد 7 – 11] صدق الله العظيم.