الدفاتر
نصراء بنت محمد الغماري
منذ مرحلة المدرسة، والدفاتر لها حضور أساسي في حياتنا، ليس في المدرسة وحدها، بل في البيت وأماكن انتظار السيارات والحافلات، وفي منازل الصديقات عندما كنا نقوم بمذاكرات جماعية في أوقات الاختبارات، لذلك احتلت جزءًا كبيرًا من تفاصيل حياتنا الدراسية على الغالب الأعم.
في تلك الدفاتر كنا نضع شخصياتنا وميولنا وأهواءنا، وطريقتنا في التعبير عن الفوضى والجمال في نفس الوقت، ومساحاتنا الحرة في دفاتر التحضير المدرسي أو في دفاتر الواجبات، مما كان يُعرضنا لبعض أنواع التأنيب وأحيانًا العقاب، ولكن لا يمكن بحال من الأحوال الخروج عن تلك الفترة الزمنية الدفترية، التي طبعت شخصياتنا في بداية النهضة المباركة في السبعينات، حيث انفتحنا على الورق الأبيض المسطر وغير المسطر، ودفاتر الرسم البياني، مما جعلنا نختار الأشكال الورقية الدفترية التي تناسب ميول كل منا.
الدفاتر كانت تحمل في تفاصيلها شخبطات كثيرة، منها الخواطر والأحلام وصورة المستقبل الذي نتمناه، بل كانت طرائق تسطيرها ووضع حدود لها بالأقلام الملونة، التي راج منها القلم ذو الأربعة ألوان، إذ يكفي أن نضغط نحو الأسفل ليخرج اللون الذي نريد، وهي الأحمر والأخضر والأزرق والأسود، كانت واحدة من أشكال استمتاعنا بالدفاتر.
السنوات تمر، ست في الابتدائي، وثلاث في الإعدادي، وثلاث في الثانوي، وكان الدفتر هو الدفتر، تتغير ملامحه الخارجية، ولكن تبقى الأوراق المسطرة هي الوسيلة التي نضع عليها شخصياتنا، ومنها كنا نحصل على الثناء من المدرسات اللواتي كن يعتنين بما نكتب، وكيف ننظم، وكيف نتعامل مع خط الكتابة إجادة ورسمًا، وكيف نستفيد من تعدد الألوان التي نستخدمها في الورقة الواحدة من الدفتر كي تسهل علينا المذاكرة قبيل الاختبارات الشهرية، قبل أن تتحول إلى فصلية في زمن لاحق.
الدفتر سر الحكايات والمواقف وبناء الشخصية والمراسلات والتواصل وفوضى الشخابيط وتميز الخطوط، لأن الدفتر لم يكن مجرد وسيلة، بل كان هوية في الوقت نفسه.