2024
Adsense
مقالات صحفية

حكايا سد النهضة

عصام الصولي

سد النهضة أو سد الألفية أو سد القرن كلها أسماء لشيء واحد ملأ الدنيا وشغل الناس ، وقديما قالت العرب : تعدد الأسماء تدل على عظمة المسمى.
وعندما قررت دولة إثيوبيا بناء هذا السد المثير للجدل ما كان له أن يصنع كل هذا الحراك لو أنها امتثلت للاشتراطات القانونية والبيئية والأمنية لشريكيها الآخرين في السودان ومصر أو ما اصطلح على تسميتهما بدول المعبر والمصب .
تقول إثيوبيا أن قيام السد ضرورة استراتيجية لإنتاج الكهرباء اللازمة لنهضتها التنموية ومنذ العام 2011 انخرطت في مفاوضات ماراثونية مع مصر والسودان بغرض التوصل لنتائج ترضي جميع الأطراف حتى تكللت المفاوضات بتوقيع إعلان المبادئ بين قادة البلدان الثلاثة في الخرطوم العام 2015 والذي حوى اتفاقات جمة لو نفذت بحذافيرها لحلت الأزمة.
إلا أن التطورات اللاحقة أقلقت شريكا إثيوبيا في النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا ويخترق الأراضي السودانية من الجنوب إلى الشمال حتى مصبه في جمهورية مصر العربية.
نقول أن التطورات المتسارعة لا سيما الإجراءات أحادية الجانب من قبل إثيوبيا وإصرارها على الملء قبل التوصل لاتفاق جعل المسار التفاوضي يتعثر ويتنكب الطريق الصحيح حتى أدى في نهاية المطاف إلى أن يعلق السودان ومصر المفاوضات ويلوحان بخيارات أخرى حال استمر التعنت الإثيوبي.
وقال وزير الري السوداني البروفيسور ياسر عباس عقب تعليق المفاوضات أن كل الخيارات مفتوحة واشتكى من مراوغة الجانب الإثيوبي وذهابه بعيدا في تنفيذ مشروعه ضاربا عرض الحائط بكل التحفظات السودانية المشروعة خصوصا تلك المتعلقة بسلامة سد الروصيرص السوداني الذي لا يبعد سوى 100 كيلو مترا فقط شمال سد النهضة إلى جانب عدم تأثر المدن والقرى السودانية التي تقطن علي ضفتي النيل الأزرق من بداية دخول النهر للأراضي السودانية وحتى الخرطوم شمالا وعدم تضررها من أي آثار سلبية محتملة من فيضانات جراء قيام سد النهضة. لا سيما وأن خبراء مصريين خرجوا في الإعلام المصري يروجون لفكرة غرق السودان بأكمله حال انهيار السد ،وعلى الرغم من تدخل أمريكا على الخط ورعايتها لأكثر من جولة من المفاوضات بل إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استقبل وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث وأكد وجوب التوصل إلى توافق فيما بينهم إلا أن دولة إثيوبيا ألقت بكل ذلك وراء ظهرها وفعلت مايحلو لها و كأنها تقول بلسان الحال لا المقال (على دولتي السودان ومصر أن يشربا من البحر إن رغبا).
ظهر ذلك جليا في تصريحات مشهورة ومنشورة لكثير من مسؤول أثيوبي . بل ومن رئيس وزراء أثيوبيا أبي أحمد شخصياً .
وعلى مايبدو أن الغبار الكثيف الذي أحدثه السد العملاق لن ينجلي عما قريب خصوصا وأن مصر ترى في أن أمنها المائي خط أحمر كما قال بذلك الرئيس السيسي.
سنوات الملء والتدرج فيها هي أهم مطالب الجانبين المصري والسوداني مع اعترافهما بحق إثيوبيا في الاستفادة من مياه النيل الأزرق لصالح تنمية شعبها إلا أن الإثيوبيين يصرون على أن مشروعهم القومي في بناء السد لن يقبلوا فيه أي تنازلات.
ومع احتدام الجدل والفشل الملازم لكل جولات التفاوض سواء المجدولة باتفاقات ثلاثية أو تلك التي تمت برعايات دولية أو إقليمية ولا سيما مبادرة الاتحاد الأفريقي الأخيرة التي منيت بالفشل وقادت إلى تعليق التفاوض والرجوع للقيادات تحول الوضع في جولات سد النهضة من الخبراء والفنيين ووزراء الري بل والدبلوماسيين ممثلا في وزراء الخارجية في البلدان الثلاثة ودخل عرين القصور الرئاسية علها تدرك مايمكن تداركه حتى لا يتحول تصريح وزير الري السوداني بأن كل (الخيارات مفتوحة) من مجرد تصريح صحفي عابر إلى شيء آخر تتمنى كل القارة ألا تنحدر الأوضاع إليه .
الأيام القادمة وحدها من تفك غموض هذا السد الذي ذاع أمره وتفشى خبره.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights