شُكر النِعمُ
بقلم : خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
لقد منّ الله -تعالى- على الإنسان بالكثير من النّعم التي لا يستطيع إحصائها، فسخّر الكون كلّه لخدمته ، وأعطاه كلّ ما يحتاج من وسائل لتحقيق غاياته في حياته، قال الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13))- سورة الجاثية – ؛ وقد فرض الله عزّ وجلّ على الإنسان عبادته، وشرع له الشريعة لذلك، وجعل طريق عبادته ميسّراً؛ رحمةً به، وإشفاقاً عليه، فقد وضع أمامه طرق الخير، وأرسل له الأنبياء، ودلّه على الطريق المستقيم، وجعل له طرق الحصول على الحسنات أكثر بكثير من المعاصي، وجعل فطرته سليمةً تحبّ الخير، وتبحث عن الإله في آياته الدالة على وجوده وعظمته، وكيفيّة عبادته.
ولذلك كلّه وجب على الإنسان شكر الله تعالى على الدوام،في السراء والضراء على نعمه الكثيرة، وعليه كذلك أن يدرك أنّه مهما قام بشكر الله على نعمه فإنّ كرم الله أعظم من شكره، وثنائه عليه؛ فالإنسان لا يستطيع إحصاء نعم الله من حوله حتى يؤدّي شكرها كلّها، قال الله : ( وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)- سورة ابراهيم-.
إنَّ أقلّ ما يمكن أن يؤدّيه الإنسان تِجاه فيض وعظيم وافر النعم التي يتقلّب فيها أن يتعلّم كيف يشكر ربه على فضله، بحيث لا يكفر نعمته؛
فشُكرُ النِّعْمَةُ من أجل وأطيب الصفات التي يجب أن يتصف بها كل عبد مؤمن بالله ، منقاداً لأمره ، وهي فضيلة من مكارم الأخلاق. من شيمة أهل الوفاء والشهامة والمروءة ، ولنا في سيدنا ابراهيم عليه السلام القدوة حيث قال تعالى في وصفة : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121)- سورة النحل).
والشكر شطر الدين لأن العبد تكون حاله إما ضراء فيصبر ؛وإما سراء فيشكر الله ، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له). رواه مسلم.